للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوازَ الجميعِ، فلا يُخَصُّ بغيرِ دَلالةٍ، ولأنَّ الاقتصارَ به على ما ذُكِرَ يُسقِطُ فائدةَ ذِكْرِ تَراضيهما جَميعًا وإضافةِ ذلكَ إليهما، وغيرُ جائزٍ إسقاطُ حُكمِ اللفظِ والاقتِصارُ به على ما يَجعلُ وُجودَه وعدمَه سَواءً (١).

إلا أنَّ العُلماءَ اختَلفوا في بعضِ التفاصيلِ، وبَيانُ ذلكَ في كلِّ مَذهبٍ على النَّحوِ التالي:

قالَ الحَنفيةُ -غيرَ زُفرَ-: الزِّيادةُ في الصداقِ بعدَ النكاحِ جائزةٌ، وهيَ ثابتةٌ إنْ دخلَ بها أو ماتَ عنها، وإنْ طلَّقَها قبلَ الدخولِ بطَلَتِ الزيادةُ وكانَ لها نِصفُ المسمَّى في العقدِ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ [النساء: ٢٤]، وهو عُمومٌ في الزيادةِ والنُّقصانِ، أي: ما تَراضَيتُم به مِنْ حَطِّ بعضِ الصداقِ أو تأخيرِه أو هبةِ جَميعِه أو الإبراءِ منه أو الزيادةِ فيه.

وكذا يَجوزُ الحَطُّ عن الزوجِ مِنْ مهرِها؛ لأنَّ المهرَ حقُّها والحَطُّ يلاقِي حقَّها، وكذا إذا وهَبَتْ مهرَها لزوجِها صحَّت الهبةُ؛ لقولِه تعالَى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤]، وليسَ لأوليائِها أبٍ ولا غيرِه الاعتراضُ عليها؛ لأنها وهَبَتْ مِلكَها، بخلافِ ما إذا زوَّجَتْ نفسَها وقَصرَتْ عن مهرِها فإنَّ لهم الاعتِراضَ عند أبي حنيفةَ؛ لأنَّ الأمْهارَ مِنْ حقِّهم وقد تَصرَّفَت في خالصِ حقِّهم؛ لأنها تُلحِقُ بهم الشَّيْنَ بذلك.


(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>