للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلينا بعدَ التعليمِ فلا شيءَ لها سواه، أو قبْلَه وجبَ لها مهرُ المثلِ (١).

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: إنْ أصدَقَها على تعليمِ شيءٍ مُعيَّنٍ مِنْ القرآنِ لم يَصحَّ؛ لأنَّ الفُروجَ لا تُستباحُ إلا بالأموالِ؛ لقولِه تعالَى: ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، وقولِه تعالَى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النساء: ٢٥]، والطَّولُ المالُ، وقد رُويَ «أنَّ رسولَ اللهِ زوَّجَ رَجلًا على سُورةٍ مِنَ القُرآنِ ثمَّ قالَ: لا تَكونُ لأحدٍ بعدَكَ مهرًا» (٢) رواهُ النَّجادُ بإسنادِهِ.

ولأنَّ تعليمَ القُرآنِ لا يَجوزُ أنْ يقَعَ إلا قُربةً لفاعلِه، فلمْ يَصحَّ أنْ يكونَ صَداقًا كالصومِ والصلاةِ وتعليمِ الإيمانِ، ولأنَّ التعليمَ مِنَ المعلِّمِ والمُتعلِّمِ مُختلِفٌ ولا يكادُ يَنضبطُ، فأشبَهَ الشيءَ المجهولِ.

وأما حديثُ الموهوبةِ -وقولِه : «زوَّجتُكَها بما معكَ مِنْ القُرآنِ» مُتفَقٌ عليه- فقيلَ: معناهُ: زوَّجتُكَها لأنكَ مِنْ أهلِ القُرآنِ، كمَا زوَّجَ أبا طَلحةَ على إسلامِه، وليسَ فيه ذِكرُ التعليمِ، ويَحتملُ أنْ يكونَ خاصًّا بذلكَ الرَّجلِ؛ لحَديثِ النجادِ.

فإذا تزوَّجَها على تعليمِ شيءٍ مِنْ القُرآنِ وجَبَ لها مهرُ المثلِ، وكذا كلُّ موضِعٍ لا تَصحُّ فيه التسميةُ أو خَلا العقدُ عن ذِكرِه؛ لأنَّ المرأةَ لا تُسلَّمُ


(١) «البيان» (٩/ ٣٧٤)، و «الإقناع» (٢/ ٤٢٥)، و «كفاية الأخيار» (٤٢٣).
(٢) مُنكَرٌ: أخرَجَه سعيدُ بنُ مَنصورٍ (١/ ١٧٦) عن أبي النُّعمانِ الأزديِّ مُرسَلًا، وضعَّفَه الحافظُ في «الفَتح» (٩/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>