للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا أنَّ ما خُصَّ به رَسولُ الله يحتاجُ إلى دليلٍ يَدلُّ على تَخصيصِه، وإلا كانَ فيه مُشارِكًا لأمَّتِه.

ويَدلُّ عليهِ مِنْ طريقِ القياسِ: أنَّ كلَّ مَنفعةٍ صحَّ أنْ يَبذلَها الغيرُ عن الغيرِ تبَرُّعًا جازَ أنْ يَبذلَها مَهرًا؛ قياسًا على سائرِ الأعمالِ المُباحةِ.

وأمَّا قياسُهُم على الصلاةِ والصيامِ بعلَّةِ أنه قُربةٌ فمُنتقَضٌ بكَتْبِ المَصاحفِ وبناءِ المَساجدِ يَجوزُ أنْ يكونَ مهرًا وإنْ كانَ قُربةً، ثمَّ المعنَى في الصلاةِ والصيامِ أنَّ النيابةَ فيهما لا تَصحُّ، وأنَّ نفْعَهما لا يَعودُ على غيرِ فاعلَيهما، وليسَ كتَعليمِ القرآنِ الذي يَصحُّ فيه النيابةُ ويَعودُ نَفعُه على غيرِ فاعلِه.

وأما قولُهم: «إنه فَرضٌ، فلمْ يَجُزْ أخذُ العوضِ عنه» فهوَ أنه إنْ كانَ فرضًا فهوَ مِنْ فُروضِ الكفاياتِ، ويَجوزُ أنْ تُؤخذَ الأجرةُ فيما كانَ مِنْ فُروضِ الكفاياتِ كغسلِ الموتَى وحَملِ الجنائزِ وحَفرِ القبورِ.

فإذا تقرَّر أنَّ تعليمَ القرآنِ يَجوزُ أنْ يكونَ صداقًا فلا بُدَّ أنْ يكونَ ما أَصْدَقَها منه مَعلومًا تَنتفي عنه الجَهالةُ؛ لأنَّ الصداقَ المجهولَ لا يَصحُّ (١).


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٤٠٤، ٤٠٧)، و «البيان» (٩/ ٣٧٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٥٩) رقم (١١٩٤)، و «تفسير القرطبي» (١٣/ ٢٧٣)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٨٩)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٦٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٥٤، ١٥٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٣٥، ٣٦)، و «المغني» (٧/ ١٦٣، ١٦٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٣٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٤٥، ١٤٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٣٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>