الإسلامُ»، ومعناهُ أنها تزَوَّجَتْه لأجْلِ إسلامِه؛ لأنَّ الإسلامَ لا يكونُ صَداقًا لأحَدٍ في الحقيقةِ.
والخامسُ: أنه جائزٌ أنْ يكونَ أمَرَه بتَعليمِها القرآنَ ويكونُ المهرُ ثابتًا في ذمَّته؛ إذْ لم يقلْ: إنَّ تعليمَ القرآنِ مهرٌ لها.
والسادسُ: أنه خاصٌّ للنبيِّ ﷺ لا يَجوزُ لغيرِه، وذلك أنَّ اللهَ أباحَ لرَسولِه ﷺ مِلكَ البُضعِ بغيرِ صَداقٍ، ولم يَجعلْ ذلكَ لأحدٍ غيرِه؛ لقولِه تعالى: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأحزاب: ٥٠]، فكانَ له ﵇ ممَّا خصَّه اللهُ مِنْ ذلكَ أنْ يُمَلِّكَ غيرَه ما كانَ له مِلكُه بغيرِ صداقٍ، فيكونُ ذلك خاصًّا له، والدليلُ على صحةِ ذلكَ أنها قالَتْ لرَسولِ الله ﷺ:«قد وَهبْتُ نفسي لكَ، فقامَ الرَّجلُ فقالَ: إنْ لم يَكنْ لكَ بها حاجَةٌ فزَوِّجْنِيها»، ولم يُذكرْ في الحديثِ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ شاوَرَها في نفسِها ولا أنها قالَتْ:«زوِّجْنِي منه»، فدَلَّ أنه ﵇ كانَ له أنَّ يَهَبَها بالهبةِ التي جازَ له نكاحُها.
فإنْ قيلَ: قد يُحتملُ أنْ يكونَ في الحديثِ سُؤالٌ مِنَ النبيِّ ﷺ أنْ يُزوِّجَها منه، ولم يُنقلْ في الحديثِ.
قيلَ: وكذلكَ يُحتملُ أنْ يكونَ النبيُّ ﷺ جَعَلَ لها مَهرًا غيرَ السُّورِ ولم يُنقلْ في الحديثِ، وليسَ أحدُ التأويلَين أَولى مِنْ صاحبِه.