للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُها: أنه في حَدِّ الآحادِ، ولا يُتركُ نصُّ الكتابِ بخبَرِ الواحدِ، معَ ما أنَّ ظاهرَه مَتروكٌ؛ لأنَّ السورةَ مِنَ القرآنِ لا تكونُ مهرًا بالإجماعِ.

والثاني: أنَّ تعليمَ القرآنِ فَرضٌ على الكفايةِ، فكُلُّ مَنْ علَّمَ إنسانًا شيئًا مِنَ القرآنِ فإنما قامَ بفرضٍ، وقد رَوى عبدُ اللهِ بنُ عمرَ عن النبيِّ أنه قالَ: «بلِّغُوا عنِّي ولو آيَةً»، فكيفَ يَجوزُ أنْ يُجعلَ عوضًا للبضعِ؟ ولو جازَ ذلكَ لَجازَ التزويجُ على تعليمِ الإسلامِ، وهذا باطلٌ؛ لأنَّ ما أَوجَبَ اللهُ تعالَى على الإنسانِ فِعلَه فهو متى فعَلَه فعَلَه فَرضًا، فلا يَستحقُّ أنْ يَأخذَ عليه شيئًا مِنْ أعراضِ الدنيا، ولو جازَ ذلكَ لَجازَ للحكَّامِ أخذُ الرِّشى على الحُكمِ، وقد جعَلَ اللهُ ذلكَ سُحتًا مُحرَّمًا.

والثالثُ: أنَّ معنى الحديثِ «قد زَوَّجْتُكَها لِمَا معكَ مِنَ القرآنِ» أي: بسَببِ ما معكَ مِنَ القُرآنِ وبحُرمتِه وبركتِه، لا أنَّه كانَ ذلكَ النكاحُ بغيرِ تسميةِ مالٍ.

والرابعُ: كونُ القرآنِ معه لا يُوجِبُ أنْ يكونَ بَدلًا، والتعليمُ ليسَ له ذِكرٌ في هذا الخبَرِ، فإنه لم يَقُلْ له: «قد زَوَّجْتُكَها على أنْ تُعَلِّمَها القرآنَ»، فعَلِمْنا أنَّ مُرادَه «أني زَوَّجتُكَ تَعظيمًا للقُرآنِ ولأجْلِ ما معكَ مِنَ القرآنِ»، وهو كما روى عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي طَلحةَ عن أنسٍ قالَ: «خَطَبَ أبو طَلحةَ أمَّ سليمٍ فقالَتْ: إني آمَنْتُ بهذا الرَّجلِ وشَهِدتُ أنه رَسولُ اللهِ، فإنْ تابَعْتَني تَزوَّجْتُك، قالَ: فأنا على ما أنتِ عليه، فتَزوَّجَتْه، فكانَ صَداقَها

<<  <  ج: ص:  >  >>