للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا فإنه ليسَ فيه شَبَهُ العباداتِ خالصًا، وإنما صارَ المُرجِّحونَ لهذا القياسِ على مَفهومِ الأثَرِ؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ ذلكَ الأثرُ خاصًّا بذلكَ الرَّجلِ؛ لقولِه فيهِ: «قد أَنكَحْتُكَها بما معكَ مِنَ القرآنِ»، وهذا خِلافٌ للأصولِ، وإنْ كانَ قد جاءَ في بعضِ رِواياته أنه قالَ: «قُم فعَلِّمْها» لمَّا ذَكَرَ أنه معه مِنَ القرآنِ فقامَ فعَلَّمَها، فَجاءَ نكاحًا بإجارةٍ، لكنْ لمَّا التَمَسوا أصلًا يَقيسونَ عليهِ قَدْرَ الصداقِ لم يَجِدوا شَيئًا أقرَبَ شَبَهًا به مِنْ نصابِ القَطعِ على بُعْدِ ما بينَهما، وذلكَ أنَّ القياسَ الذي استَعمَلوه في ذلكَ هو أنهم قالُوا: عضوٌ مُستباحٌ بمالٍ فوجَبَ أنْ يكونَ مُقدَّرًا أصلُه القطعُ، وضَعفُ هذا القياسِ هو مِنْ قِبَلِ الاستباحةِ فيهما هيَ مَقولةٌ باشتِراكِ الاسمِ، وذلكَ أنَّ القطعَ غيرُ الوطءِ، وأيضًا فإنَّ القطعَ استباحةٌ على جهةِ العُقوبةِ والأذى ونَقصُ خِلقةٍ، وهذا استباحةٌ على جهة اللَّذةِ والمودَّةِ، ومَن شأنُه قياسُ الشَّبَهِ على ضَعْفِه أنْ يكونَ الذي به تَشابَه الفرعُ والأصلُ شَيئًا واحدًا لا باللفظِ بل بالمَعنى، وأنْ يكونَ الحكمُ إنَّما وُجِدَ للأصلِ مِنْ جهةَ الشَّبهِ، وهذا كلُّه مَعدومٌ في هذا القياسِ، ومعَ هذا فإنه مِنَ الشَّبَهِ الذي لم يُنَبِّه عليه اللفظُ، وهذا النوعُ مِنَ القياسِ مردودٌ عندَ المحقِّقِينَ، لكنْ لم يَستعمِلوا هذا القياسَ في إثباتِ التحديدِ المُقابلِ لمَفهومِ الحديثِ؛ إذ هو في غايَةِ الضعفِ، وإنما استَعمَلوه في تَعيينِ قَدْرِ التحديدِ.

وأمَّا القياسُ الذي استَعمَلوه في مُعارَضةِ مَفهومِ الحديثِ فهو أَقوى مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>