واختَلفوا في أقلِّه، فقالَ الشافِعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ وفقهاءُ المَدينةِ مِنَ التابعينَ: ليسَ لأقلِّه حَدٌّ، وكُلُّ ما جازَ أنْ يكونَ ثَمنًا وقِيمةً لشيءٍ جازَ أنْ يكونَ صَداقًا، وبه قالَ ابنُ وَهبٍ مِنْ أصحاب مالكٍ.
وقالَتْ طائفةٌ بوُجوبِ تَحديدِ أقلِّه، وهؤلاءِ اختَلفوا، فالمشهورُ في ذلكَ مَذهَبانِ: أحَدُهما: مَذهبُ مالكٍ وأصحابِه، والثاني: مَذهبُ أبي حنيفةَ وأصحابِه.
فأما مالكٌ فقالَ: أقلُّه رُبعُ دينارٍ مِنَ الذهبِ أو ثلاثةُ دراهمَ كَيلًا مِنْ فضةٍ أو ما يُساوي الدراهمَ الثلاثةَ، أعني: دراهمَ الكَيلِ فقطْ في المَشهورِ، وقيلَ: أو ما يُساوي أحَدَهما، وقالَ أبو حَنيفةَ: عَشرةُ دَراهمَ أقلُّه، وقيلَ: خَمسةُ دراهمَ، وقيلَ: أربعونَ درهمًا.
وسَببُ اختلافِهم في التقديرِ سَببانِ:
أحَدُهما: تَردُّدُه بينَ أنْ يكونَ عِوضًا مِنْ الأعواضِ يُعتبَرُ فيه التَّراضي بالقليلِ كانَ أو بالكثيرِ كالحالِ في البُيوعاتِ، وبينَ أنْ يكونَ عبادةً فيكونُ مُؤقَّتًا، وذلكَ أنه مِنْ جِهةِ أنه يَملِكُ به على المَرأةِ مَنافعَها على الدوام يُشبِهُ العوضَ، ومِن جهةِ أنه لا يَجوزُ التراضي على إسقاطِه يُشبِهُ العبادةَ.
والسببُ الثاني: مُعارَضةُ هذا القياس، فالمُقتضى التَّحديدُ لمَفهومِ الأثرِ الذي لا يَقتضيَ التحديدَ.