للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُتأَخِّرينَ، وقالَ أبو يُوسفَ بفَرضيَّةِ الكلَّ، واختارَه في المَجمَعِ والعينِيِّ، ورَواها الطَّحاويُّ عن أئِمَّتِنا الثَّلاثةِ، وقالَ في الفَيضِ: إنَّه الأحوَطُ (١).

ورَوى الحَسنُ عن أبي حَنيفَةَ فيمَن لم يُقِم صُلبَه في الرُّكوعِ، إن كانَ إلى القيامِ أقرَبَ منه إلى إتمامِ الرُّكوعِ، لم يُجزِئه، وإن كانَ إلى إتمامِ الرُّكوعِ أقرَبَ منه إلى القيامِ أجزَأَه؛ إقامةً لِلأكثَرِ مَقامَ الكلِّ (٢).

أمَّا المالِكيَّةُ فإنَّ عندَهم في الطُّمأنينةِ خِلافًا، قالَ الدُّسوقيُّ: القولُ بفرَضيَّتِها صحَّحه ابنُ الحاجِبِ، والمَشهورُ مِنْ المَذهبِ أنَّها سُنَّةٌ؛ ولِذا قالَ زَرُّوقٌ والبُنانيُّ: مَنْ تركَ الطُّمأنينةَ أعادَ في الوقتِ على المَشهورِ، وقيلَ: إنَّها فَضيلةٌ (٣).

وإلى ما ذَهب إليه ابنُ الحاجِبِ ذَهب القُرطُبيُّ وغيرُه، فقالَ القُرطُبيُّ : لمَّا قالَ اللهُ تَعالى: ﴿ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا﴾ [الحج: ٧٧]، قالَ بَعضُ عُلمائِنا وغيرُهم: يَكفي منها ما يُسمَّى رُكوعًا وسُجودًا، وكذلك مِنْ القيامِ، ولم يَشتَرِطوا الطُّمأنينةَ في ذلك، فأخَذوا بأقَلِّ الاسمِ في ذلك، وكأنَّهم لم يَسمَعوا الأحاديثَ الثَّابِتةَ في إلغاءِ الصَّلاةِ.


(١) ابن عابدين (١/ ٤٦٤)، و «البحر الرائق» (١/ ٣١٧)، والطَّحطاوي (١/ ١٥٧)، و «تبيين الحقائق» (١/ ١١٨)، و «عمدة القاري» (٦/ ١٨، ١٩)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٥٨)، و «كفاية الأخيار» (١٥٠)، و «المجموع» (٣/ ٣٦٨)، و «الإفصاح» (١/ ١٦٧)، و «المغني» (٢/ ٥١)، و «التحقيق» لا بن الجوزي (١/ ٣٨٨)، و «منار السبيل» (١/ ١٠٤)، و «الإنصاف» (٢/ ١١٣).
(٢) «معاني الآثار» (١/ ٥٠٩).
(٣) «حاشية الدُّسوقيِّ» (١/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>