القولُ الثاني: وهو مَذهبُ المالِكيةِ وهوَ أنَّ أقلَّ المهرِ رُبعُ دينارٍ أو ثلاثةُ دَراهمَ، وهو ما تُقطَعُ فيه اليدُ، أو قيمةُ ذلكَ مِنَ العروضِ التي يَجوزُ مِلْكُها؛ لأنَّ البضعَ عضوٌ مُستباحٌ ببَدلٍ مِنَ المالِ، فلا بدَّ أنْ يكونَ مُقدَّرًا؛ قِياسًا على قطعِ اليدِ.
ولأنَّ اللهَ ﷿ لمَّا شرَطَ عدمَ الطَّوْلِ في نكاحِ الإماءِ وأباحَه لمَن لمْ يَجِدْ طَولًا دَلَّ على أنَّ الطَّولَ لا يَجدُه كلُّ الناسِ، ولو كانَ الفِلْسُ والدَّانِقُ والقَبضةُ مِنَ الشعيرِ ونحوُ ذلك طَوْلًا لَمَا عَدِمَه أحدٌ، ومَعلومٌ أنَّ الطَّولَ في هذه الآيةِ المالُ، ولا يَقعُ اسمُ مالٍ على أقلَّ مِنْ ثلاثةِ دراهمَ، فوجَبَ أنْ يُمنَعَ مِنْ استباحةِ الفُروجِ باليسيرِ الذي لا يكونُ طَولًا.
ولأنَّ المهرَ في النكاحِ حقٌّ للهِ تعالىِ؛ بدليلِ أنهما إذا تراضَيَا على إسقاطِه لم يَجُزْ، فإذا ثبَتَ ذلكَ وجَبَ أنْ يكونَ مُقدَّرًا كالزكواتِ والكفَّاراتِ.
فإذا نقَصَ المهرُ عن ثلاثةِ دراهمَ أو رُبعِ دينارٍ أو ما قيمتُه ثلاثةُ دراهمَ يومَ العقدِ فسَدَ النكاحُ إنْ لم يُتمَّه، فإنْ أتَمَّه ثلاثةَ دراهمَ لم يَفسدْ وإلا فسَدَ، فهو مُخيَّرٌ قبلَ الدخولِ بينَ إتمامِ الصَّداقِ ثلاثةَ دراهمَ أو الفسخِ، فإنْ لم يُتمَّه فُسِخَ، وإنْ لم يُتمَّه وفُسِخَ قبلَ الدخولِ فلَها نصفُه.