للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتَّفقوا مع ذلكَ إلى أنه يَجبُ لها المهرُ إنْ دخَلَ بها، وإنْ لم يَدخلْ وطلَّقَها فلها المُتعةُ أو نصفُ صَداقِ مثلِها على الخلافِ الآتي في المُفوّضةِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ (والإمامُ أحمَدُ في روايةٍ حَكاها شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ) إلى أنهما لو عقَدَا النكاحَ واشتَرطَا إسقاطَ المهرِ بالكُلَّيةِ أو نفيَه فسَدَ النكاحُ، فيُفسخُ قبلَ الدخولِ ويَثبتُ بعدَه بصَداقِ المثلِ؛ لقولِه ﷿: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، وقوِله: ﴿فَآتُوهُنَّ


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٤)، و «الهداية» (١/ ٢٠٤)، و «العناية» (٤/ ٤٧٢)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٧)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٦٦، ٣٦٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣١٧)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٥٢)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٩٣)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٧٣)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٤٧٢)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٣٢٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٧٥)، و «الديباج» (٣/ ٣٢٣)، و «المغني» (٧/ ١٨٣)، و «المبدع» (٧/ ١٦٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٧٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٧٣)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢١٧)، وقال شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ في «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٦٣): وتَنازَعوا في النكاحِ إذا شرطَ فيهِ نَفي المهرِ هل يَصحُّ النكاحُ؟ على قَولينِ في مَذهبِ أحمَدَ وغيرِه، أحَدُهما: يَبطلُ النكاحُ، كقَولِ مالكٍ، والثاني: يَصحُّ ويَجبُ مهرُ المثلِ، كقولِ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ، والأوَّلونَ يَقولونَ: هو نكاحُ الشِّغارِ الذي أبطَلَه النبيُّ ؛ لأنه نفَى فيهِ المهرَ وجعَلَ البُضعَ مهرًا للبُضعِ، وهذا تَعليلُ أحمَدَ بنِ حَنبلٍ في غيرِ مَوضعٍ مِنْ كلامِه، وهذا تَعليلُ أكثرِ قُدماءِ أصحابِه والآخرونَ منهُم مَنْ يَصحِّحُ نكاحَ الشِّغارِ كأبي حَنيفةَ، وقولُه أقيَسُ على هذا الأصلِ، لكنَّه مُخالِفٌ للنصِّ وآثارِ الصحابِة؛ فإنهم أبطَلُوا نكاحَ الشِّغارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>