للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩]، والمُرادُ منه الطلاقُ في نكاحٍ لا تَسميةَ فيه، بدليلِ أنه أَوجَبَ المُتعةَ بقولِه: ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩]، والمُتعةُ إنما تَجبُ في نكاحٍ لا تَسميةَ فيه، فدَلَّ على جوازِ النكاحِ مِنْ غيرِ تَسميةٍ.

وعن عَلقَمةَ والأسوَدِ عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسعودٍ أنَّ رَجلًا أتاهُ فسَألَه عن رَجلٍ تزوَّجَ امرأةً فماتَ عنها ولم يَدخلْ بها ولم يَفرضْ لها، فلمْ يَقُلْ شَيئًا وردَّدَهُم شَهرًا، ثمَّ قالَ: أقولُ برَأيٍ فإنْ كانَ صَوابًا فمِنَ اللَّهِ، وإنْ كانَ خطَأً فمِن قِبَلِي، أَرَى لها صَداقَ نِسائِها لا وَكْسَ ولا شَطَطَ، وعليها العِدَّةُ ولها المِيراثُ، فقامَ فُلانٌ الأشجَعيُّ وقالَ: قَضَى رَسولُ اللَّهِ في بِروعَ بنتِ واشِقٍ بمِثلِ ذلكَ، قالَ: ففَرحَ عبدُ اللهِ بذلكَ وكَبَّرَ» (١).

ولأنَّ المَقصودَ في النكاحِ أعْيانُ الزوجَينِ والتَّواصلُ بينَ المتناكحَينِ دونَ المهرِ، ولهذا يَجبُ ذِكْرُ الزوجَينِ في العقدِ، وإنما المهرُ فيه تَبَعٌ، بخِلاف البيعِ الذي مَقصودُه مِلكُ الثمنَ والمثمَّنِ، فبطَلَ النكاحُ بالجَهلِ بالمُتناكحَينِ؛ لأنه مَقصودٌ، ولم يَبطلْ بالجهلِ بالمهرِ؛ لأنه غيرُ مَقصودٍ، كما أنَّ البيعَ يَبطلُ بالجهلِ بالثَّمنِ أو المُثمَّنِ؛ لأنه مَقصودٌ، ولا يَبطلُ بالجهلِ بالمتبايعَينِ؛ لأنه غيرُ مَقصودٍ، فإنَّ المقصودَ فيه العوضُ، ولهذا لا يجبُ ذِكرُ البائعِ والمُشتري في العقد إذا وقَعَ بينَ وكيلَيْهما.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٢١٤)، والترمذي (١١٤٥)، وابن ماجه (١٨٩١)، وابن حبان في «صحيحه» (٤١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>