للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زانيةً، وكذلكَ المرأةُ قد تَزني بنائمٍ ومُكرَهٍ على أحدِ القولَين ولا يَكونُ زانيًا.

الخامسُ: إنَّ تحريمَ الزِّنى قد عَلِمَه المُسلمونَ بآياتٍ نزلَتْ بمِكةَ، وتحريمُه أشهَرُ مِنْ أنْ تَنزلَ هذه الآيةُ بتَحريمِه.

السادسُ: قالَ: ﴿لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾ [النور: ٣]، فلو أُريدَ الوطءُ لم يَكنْ حاجةٌ إلى ذِكْرِ المُشركِ؛ فإنه زانٍ، وكذلكَ المُشرِكةُ إذا زنَى بها رجلٌ فهيَ زانيةٌ، فلا حاجةَ إلى التقسيمِ.

السابعُ: أنَّه قد قالَ قبْلَ ذلكَ: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]، فأيُّ حاجةٍ إلى أنْ يَذكرَ تحريمَ الزِّنى بعدَ ذلكَ.

وأمَّا النسخُ: فقالَ سعيدُ بنُ المسيِّبِ وطائفةٌ: نَسَخَها قولُه: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]، ولمَّا عَلِمَ أهلُ هذا القولِ أنَّ دعوَى النسخِ بهذه الآيةِ ضعَيفٌ جدًّا ولم يَجدُوا ما يَنسخُها فاعتَقَدوا أنه لم يَقُلْ بها أحدٌ قالوا: «هيَ مَنسوخةٌ بالإجماعِ» كما زعَمَ ذلكَ أبو عليٍّ الجُبائيُّ وغيرُه، أمَّا على قولِ مَنْ يَرى مِنْ هؤلاءِ أنَّ الإجماعَ يَنسخُ النصوصَ كما يُذكَرُ ذلكَ عن عيسى بنِ أبانَ وغيرِه، وهوَ قولٌ في غايةِ الفسادِ مَضمونُه: أنَّ الأمَّةَ يَجوزُ لها تَبديلُ دِينِها بعْدَ نبيِّها وأنَّ ذلكَ جائزٌ لهم كما تَقولُ النصارى أُبيحَ لعُلمائِهم أنْ يَنسخُوا مِنْ شَريعةِ المسيحِ ما يَرونَه، وليسَ هذا مِنْ أقوالِ المسلمِينَ، وممَّن يَظنُّ الإجماعَ مَنْ يَقولُ: الإجماعُ دلَّ على نَصٍّ ناسخٍ لم يبلُغْنَا، ولا حديثَ إجماعٍ في خلافِ هذهِ الآيةِ، وكلُّ مَنْ عارَضَ نصًّا بإجماعٍ وادَّعى

<<  <  ج: ص:  >  >>