للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكَّةَ رُفِعَ إليهِ فسألَهُما فاعتَرفَا، فجلَدَهما عمرُ الحَدَّ، وحرَصَ أنْ يَجمعَ بينَهما فأبَى الغلامُ.

ورُويَ عن عبدِ الله بنِ عُمرَ أنه كانَ له أمَةٌ وعَبدٌ فظهَرَ بالأمَةِ حَمْلٌ فاتَّهمَ بها الغُلامَ، فسَألَه فأنكَرَ، وكانَ للغُلامِ إصبعٌ زائدةٌ، فقالَ له: إنْ أتَتْ بولدٍ له أصبعٌ زائدةٌ جَلدتُكَ، فقالَ: نعَمْ، فوضَعَتْ ولدًا له أصبعٌ زائدةٌ فجلَدَهُ ثمَّ زوَّجَه بها.

ورُويَ عنِ ابنِ عباسٍ أنه سُئِلَ: أيتزوَّجُ الزاني بالزانيةِ؟ فقالَ: نَعمْ … فهذا قولُ مَنْ ذكَرْنا، ولَم يَصحَّ عن غيرِهم خِلافُه، فصارَ إجماعًا.

وأمَّا قولُ اللهِ تعالَى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)[النور: ٣]، فقدِ اختَلفَ أهلُ التأويلِ فيها على ثَلاثةِ أقاويلَ:

أحَدُها: أنها نزَلَتْ مَخصوصةً في رَجلٍ مِنَ المُسلمينِ استأذَنَ رسولَ اللهِ في امرأةٍ يُقالُ لها أمُّ مَهزولٍ مِنْ بغايَا الجاهليةِ مِنْ ذواتِ الراياتِ، وشرَطَتْ له أنْ تُنفِقَ عليه، وكذلكَ كُنَّ نِساءٌ مَعلوماتٌ يَفعلَنْ ذلكَ فيَتزوَّجْنَ الرَّجلَ مِنْ فُقراءِ المسلمِينَ لتُنفِقَ المرأةُ مِنهنَّ عليه، فنَهاهُم اللهُ عن ذلكَ، فأنزَلَ اللهُ هذهِ الآيةَ فيهِ، وهذا قولُ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو ومُجاهدٍ.

والقولُ الثاني: أنَّ المرادَ بالآيةِ أنَّ الزاني لا يَزنِي إلا بزِانيةٍ والزانيةَ لا يَزني بها إلا زانٍ، وهذا قولُ ابنِ عبَّاسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>