للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمَا رويَ أنَّ رجلًا أتى النبيَّ فقالَ: «يا رسولَ اللهِ إنَّ امرأتِي لا تَدفعُ يدَ لامسٍ، فقالَ : طَلِّقْها، فقالَ: إني أُحبُّها وهيَ جَميلةٌ، فقالَ : استَمتِعْ بها» وفي روايةٍ: «أَمسِكْها إذًا» (١)، والمرادُ بالنكاحِ في الآيةِ الوَطءُ، يعني: الزانيةُ لا يَطؤُها إلا زانٍ في حالةِ الزِّنا، والدليلُ عليه أنه قالَ: ﴿وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾ [النور: ٣]، ولا يَحلُّ للمُسلمةِ الزانيةِ أنْ تَتزوَّجَ بمُشركٍ، ولو كانَ المرادُ العقدَ لَجازَ، ويَجوزُ أنْ يكونَ معنَى الآيةٍ إخبارًا عن رَغبةِ كلِّ واحدٍ مِنَ الزاني والزانيةِ في الآخَرِ، على معنَى أنَّ الزاني الفاسقَ لا يَرغبُ إلا في نكاحِ مثلِهِ، وقيلَ: مَنسوخةٌ بقولِه تعالَى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى﴾ [النور: ٣٢] وبقَولِه تعالَى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣].

وعنِ النَّبيِّ قالَ: «لا يُحرِّمُ الحَرامُ الحَلالَ» (٢)، وهذا نَصٌّ، ولأنه مُنتشِرٌ في الصحابةِ بالإجماعِ، رُويَ ذلك عن أبي بَكرٍ وعُمرَ وابنِ عمرَ وابنِ عبَّاسٍ وجابرٍ، فرُويَ عن أبي بكرٍ أنه قالَ: «إذا زنَى رَجلٌ بامرأةٍ لم يَحرمْ عليه نكاحُها».

ورُويَ عن عمرَ أنَّ رَجلًا تزوَّجَ امرأةً وكانَ له ابنٌ مِنْ غيرِها ولها بنتٌ مِنْ غيره، ففجَرَ الغُلامُ بالجاريةِ وظهَرَ بها حَمْلٌ، فلمَّا قَدِمَ عمرُ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٤٩)، والنسائي (٣٢٢٩، ٣٤٦٤).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٠١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>