للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه نقولُ، وذلكَ أني لا أجِدُ دَلالةً أحرِّمُ بها الجَمعَ بينَهما، وقولُه: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣] الآيَة يُبيحُ نكاحَ جَميعِ النساءِ إلا مَنْ حُرِّمَ بالكِتابِ أو السُّنةِ أو اتِّفاقٍ.

وكذلكَ قولُه: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] الآيَة، إلا ما حرَّمَتِ السُّنةُ.

وقد روينَا عنِ الحَسنِ البصريِّ وعِكرمةَ أنهما كَرِهَا ذلكَ، وأمَّا الحسَنُ فقد ثبتَ رُجوعُه عنه، وأمَّا إسنادُ حَديثِ عكرمةَ ففيه مَقالٌ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مسألةٌ: قالَ: (ولا بأسَ أنْ يَجمعَ بينَ مَنْ كانت زوجةَ رَجلٍ وابنتِه مِنْ غيرها).

أكثَرُ أهلِ العلمِ يرونَ الجمعَ بينَ المرأةِ ورَبيبتِها جائزًا لا بأسَ به، فعَلَه عبدُ الله بنُ جَعفرٍ وعبدُ اللهِ بنُ صَفوان بنِ أميَّةَ، وبه قالَ سائرُ الفُقهاءِ، إلا الحسَنَ وعِكرمةَ وابنَ أبي ليلَى رُوِيَتْ عنهُم كَراهيتُه؛ لأنَّ إحداهما لو كانَتْ ذكَرًا حَرُمَتْ عليه الأخرَى، فأشبهَ المرأةَ وعمَّتها.

ولنا: قولُ اللهِ تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، ولأنهما لا قَرابةَ بينَهما فأشبَهتَا الأجنبيتَينِ، ولأنَّ الجمعَ حَرُمَ خَوفًا مِنْ قَطيعةِ الرحمِ القَريبةِ بينَ المُتناسبينِ، ولا قَرابةَ بينَ هاتَينِ، وبهذا يُفارِقُ ما ذكَروهُ (٢).


(١) «الإشراف» (٥/ ١٠٢).
(٢) «المغني» (٧/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>