وزوجةِ أبيها وزوجةِ ابنِها، وهذا قولُ جُمهورِ أهلِ العلمِ، إلا ابنَ أبي لَيلى فإنه منَعَ منهُ؛ استِدلالًا بأنهما امرَأتانِ لو كانَ إحداهما رَجلًا حَرُمَ عليه نكاحُ الأخرى؛ لأنها تكونُ امرأةَ أبيه أو حَليلةَ ابنِه، فحَرُمَ الجمعُ بينَهما كما حَرُمَ الجمعُ بينَ المرأةِ وعمَّتِها أو خالتِها للمَعنى المذكورِ، وهذا خَطأٌ؛ لِمَا رُويَ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ جَعفرِ بنِ أبي طالبٍ وعبدَ اللهِ بنَ صِفوانَ بنِ أميَّةَ جمَعَ كلُّ واحدٍ منهما بينَ امرأةِ رَجلٍ وبنتِه مِنْ غيرِها فلمْ يُنكِرْ ذاكَ أحدٌ مِنْ عُلماءِ عصرِه فكانَ إجماعًا، ولأنَّ تحريمَ الجَمعِ إنما يثبتُ بينَ ذوي الأنسابِ حِفظًا لصِلةِ الأرحامِ وأنْ لا يَتقاطَعْنَ بالتباغُضِ والعُقوقِ، وليسَ بينَ هاتَينِ نَسبٌ ولا رضاعٌ يَجري عليه حُكمُ النسبِ، فلمْ يَحرُمِ الجَمعُ بينَهما كسائرِ الأجانبِ، وخالفَ ذَوِي الأنسابِ (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ ﵀: باب الجَمع بينَ امرأةِ الرجلِ وابنتِه مِنْ غيرِها بالنكاحِ.
اختَلفَ أهلُ العلمِ في الجَمعِ بينَ امرأةِ الرجلِ وابنتِه مِنْ غيرِها بالنكاحِ، فأجازَ أكثرُ أهلِ العلمِ نِكاحَها، فعَلَ ذلكَ عبدُ اللهِ بنُ جَعفرٍ وعَبدُ اللهِ بنُ صَفوانَ بنِ أميَّةَ.
وأباحَ ذلكَ مُحمدُ بنُ سِيرينَ وسُليمانُ بنُ يسارٍ والثوريُّ والأوزاعيُّ والشافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ وأبو عبيدٍ وأبو ثورٍ وأصحابُ الرأيِ، وقالَ مالكٌ: لا أَعلمُ ذلكَ حرامًا.
(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٢١٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute