للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجتمعانِ ما بقيَ اللعانُ بينَهما حُكمًا، وإنما تجوزُ المُناكَحةُ بينَهما إذا لم يَبْقَ اللعانُ بينَهما حكمًا؛ لأنه إذا أَكْذَبَ نفسَه يُقامُ عليه الحدُّ؛ لإقرارِه على نفسهِ بالتزامِ الحَدِّ، ومِن ضرورةِ إقامةِ الحدِّ عليه بُطلانُ اللعانُ، ولا يبقَى أهلًا للِّعانِ بعد إقامةِ الحدِّ، وكذلكَ إنْ أقرَّتِ المرأةُ بالزنى فقد خرَجَتْ مِنْ أنْ تكونَ أهلًا للِّعانِ، وكذلكَ إنْ قذفَتْ رجلًا فأُقيمَ عليها الحدُّ، فعرفْنَا أنَّ حِلَّ المُناكَحةِ بينَهما بعدَما بطَلَ حُكمُ اللِّعانِ، فلا يكونُ في هذا إثباتُ الاجتماعِ بينَ المتلاعنَينِ (١).

ولإجماعِ الجَميعِ على أنه إذا أَكذَبَ نفسَهُ جُلِدَ الحَدَّ ولَحِقَ به الولدُ، فيَعودُ النكاحُ حَلالًا كما عادَ الولدُ؛ لأنه لا فرْقَ بينَ شيءٍ مِنْ ذلكَ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : واختَلفُوا هل له أنْ يُراجِعَها … ؟ فقَالَ مالكٌ والشافعيُّ والثوريُّ وداودُ وأحمدُ وجُمهورُ فُقهاءِ الأمصارِ: إنهما لا يَجتمعانِ أبدًا وإنْ أَكذَبَ نفسَهُ.

وقالَ أبو حَنيفةَ وجماعةٌ: إذا أَكذَبَ نفسَه جُلِدَ الحدَّ وكانَ خاطِبًا مِنَ الخُطَّابِ.


(١) «المبسوط» (٧/ ٤٣، ٤٤)، و «شرح مشكل الآثار» (٣/ ٢٠٢، ٢٠٣)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢٢٢)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٥، ٢٤٦)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٥٠٦)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ١٥٥، ١٥٧)، و «الهداية» (٢/ ٢٤، ٢٥)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٨٨)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ١٩)، و «العناية» (٦/ ٦٧، ٦٩)، و «البحر الرائق» (٤/ ١٣١).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>