للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوقعَ فيه الشَّرط بنكاحِ زَوجٍ غيرِه، ولو قالَ: «فإنْ طلَّقَها فلا تَحِلُّ لهُ» لَكانَ نهيًا مُطلَقًا لا تَحلُّ له أبدًا.

وقدْ كانَ رسولُ اللهِ أَطلَقَ التَّحريمَ في المُلاعنةِ ولم يقيِّدْهُ بوَقتٍ فهوَ مؤبَّدٌ، فإنْ أَكذَبَ نفسَه لَحِقَ به الولدُ؛ لأنه حَقٌّ جحَدَهُ ثم أقَرَّ به فلَزمَه، وليسَ النكاحُ كذلكَ؛ لأنه حقٌّ ثبَتَ عليهِ فليسَ يَتهيأُ له إبطالُه.

ولقَولِ النبيِّ : «المُتلاعِنانِ لا يَجتمِعانِ أبَدًا»، والمعنى فيه أنَّ سبَبَ هذه الفُرقةِ يَشتركُ فيه الزَّوجانِ، والطلاقُ يَختصُّ به الزوجُ، فما يَشتركُ الزوجانِ فيه لا يَكونُ طلاقًا، ومِثلُ هذا السَّببِ متى كانَ مُوجِبًا للحُرمةِ كانَتْ مؤبَّدةً كالحُرمةِ بالرضاعِ.

تَوضيحُه: أنَّ ثُبوتَ الحُرمةِ هنا باللعانِ نَظيرُ حُرمةِ قَبولِ الشهادةِ بعدَ الحدِّ في قَذفِ الأجنبيِّ وذلكَ يتأبَّدُ، فكذلكَ هنا.

ولأنه تَحريمٌ لا يَرتفعُ قبلَ الحَدِّ والتكذيبِ، فلمْ يَرتفعْ بهما كتَحريمِ الرضاعِ (١).


(١) «المبسوط» (٧/ ٤٣، ٤٤)، و «شرح مشكل الآثار» (٣/ ٢٠٢، ٢٠٣)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢٢٢)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤٥، ٢٤٦)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٥٠٦)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ١٥٥، ١٥٧)، و «الهداية» (٢/ ٢٤، ٢٥)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ٢٨٨)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ١٩)، و «العناية» (٦/ ٦٧، ٦٩)، و «البحر الرائق» (٤/ ١٣١)، و «الاستذكار» (٦/ ١٠٢)، و «تفسير القرطبي» (١٢/ ١٩٤)، و «المهذب» (٢/ ١٢٧)، و «الحاوي الكبير» (١١/ ٧٥، ٧٦)، و «البيان» (١٠/ ٤٦٧، ٤٦٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١١٣، ١١٤)، و «المغني» (/ ٥٤، ٥٥)، و «الكافي» (٣/ ٢٦٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٢٠)، و «المبدع» (٧/ ٦٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٦١)، و «كشاف القناع» (٥/ ٧٩، ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>