للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلكَ حرمةُ المصاهرةِ، ولأنه لو كانَ مؤثِّرًا لحلَّلَها للمطلِّقِ ثلاثًا.

ورُويَ عن ابنِ عُمرَ عنِ النبيِّ قالَ: «لا يُحرِّمُ الحَرامُ الحَلالَ» (١).

ولأنَّ اللهَ قالَ: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] فإنَّما حرمَ ما كانَ تَزويجًا ولم يَذكرْ تَحريمَ الزِّنى، والنكاحُ شرعًا إنما يُطلَقُ على وطءِ المَعقودِ عليها لا على مجرِّدِ الوطءِ.

فكلُّ تَزويجٍ كانَ على وجهِ الحلالِ يُصيبُ صاحبُه امرأتَه فهوَ بمَنزلةِ التزويجِ الحَلالِ، فيقعُ به التحريمُ، وكلُّ ما كانَ محْضَ زنًى لا يُحرِّمُ؛ لأنه ليسَ بمَنزلةِ التزويجِ.

وعن عائِشةَ قالَتْ: سُئلَ رسولُ اللَّهِ عنِ الرَّجلِ يَتْبعُ المَرأةَ حَرامًا، أَيَنكِحُ أمَّها؟ أو يَتبعُ الأمَّ حَرامًا، أيَنكِحُ ابنَتَها؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «لا يُحرِّمُ الحَرامُ الحلالَ، إنَّما يُحرِّمُ ما كانَ بنِكاحٍ حَلالٍ» (٢)، وهذا نَصٌّ لا يَجوزُ خلافُه.

ومِن طريقِ القياسِ أنَّه وطءٌ تمحَّضَ تحريمُه، فلم يتعلَّقْ به تحريمُ المصاهَرةِ كوطءِ الصغيرةِ التي لا تُشتَهى، ولأنهُ وطءٌ لا يُوجِبُ العدَّةَ، فلم يُوجِبْ تحريمَ المصاهرةِ كوَطءِ الصغيرةِ والمَيتةِ، ولأنه تَحريمُ نكاحٍ يتعلَّقُ


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٠١٥).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الطبراني في «الأوسط» (٤٨٠٣)، والدارقطني (٣٦٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>