نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٣]، والدُّخولُ بها اسمٌ للوطءِ، وهوَ عامٌّ في جَميعِ ضُروبِ الوطءِ مِنْ مُباحٍ أو مَحظورٍ ونكاحٍ أو سِفاحٍ، فوجَبَ تَحريمُ البنتِ بوطءٍ كانَ منه قَبْلَ تزويجِ الأمِّ؛ لقولِه تعالَى: ﴿اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٣]، ويَدلُّ على أنَّ الدخولَ بها اسمٌ للوطءِ، وأنه مُرادٌ بالآيةِ، وأنَّ اسمَ الدخولِ لا يَختصُّ بوطءِ نكاحٍ دونَ غيرهِ، أنه لو وَطئَ الأمَّ بمِلكِ اليمينِ حرمَتْ عليه البنتُ تَحريمًا مُؤبَّدًا بحُكمِ الآيةِ، وكذلكَ لو وَطئَها بنكاحٍ فاسدٍ، فثبَتَ أنَّ الدخولَ لمَّا كانَ اسمًا للوطءِ لم يَختصَّ فيما عُلِّقَ به مِنَ الحكمِ بوطءٍ بنكاحٍ دونَ ما سواهُ مِنْ سائرِ ضُروبِ الوطءِ.
ويَدلُّ عليهِ مِنْ جهةِ النظَرِ أنَّ الوطءَ آكَدُ في إيجابِ التحريمِ مِنَ العقدِ؛ لأنَّا لم نَجدْ وطأً مباحًا إلا وهوَ مُوجِبٌ للتحريمِ، وقدْ وجَدْنا عَقدًا صَحيحًا لا يُوجِبُ التحريمَ وهوَ العقدُ على الأمِّ لا يُوجِبُ تَحريمَ البنتِ، ولو وَطئَها حرمَتْ، فعَلِمْنا أنَّ وُجودَ الوطءِ علَّةٌ لإيجابِ التحريمِ، فكَيفَما وُجِدَ ينبغي أنْ يحرِّمَ، مُباحًا كانَ الوَطءُ أو مَحظورًا؛ لوُجودِ الوطءِ؛ لأنَّ التحريمَ لم يُخرجْه مِنْ أنْ يكونَ وطأً صَحيحًا، فلمَّا اشتَركَا في هذا المعنى وجَبَ أنْ يقَعَ به تَحريمٌ.
وأيضًا لا خِلافَ أنَّ الوطءَ بشُبهةٍ وبمِلكِ اليمينِ يُحرِّمانِ مع عَدمِ النكاحِ، وهذا يَدلُّ على أنَّ الوطءَ يُوجِبُ التحريمَ على أيِّ وَجهٍ وقَعَ، فوجَبَ أنْ يكونَ وطءُ الزنا مُحرِّمًا؛ لوُجودِ الوطءِ الصحيحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute