للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ عَبدِ البَرِّ : قالَ اللهُ ﷿: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ إلى قَولِه: ﴿وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٣].

فأجمَعَتِ الأمَّةُ أنَّ الرجلَ إذا تزوَّجَ امرأةً ولها ابنةٌ أنه لا تَحلُّ له الابنةُ بعدَ موتِ الأمِّ أو فراقِها إنْ كانَ دخَلَ بها، وإنْ كانَ لمْ يَدخلْ بالأمِّ حتى فارَقَها حَلَّ لهُ نكاحُ الرَّبيبةِ، وأنَّ قولَهُ ﷿: ﴿مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ [النساء: ٢٣] شَرطٌ صحيحٌ في الربائبِ اللاتي في حُجورِهم (١).

والبنتُ المَقصودةُ هنا هيَ كلُّ بِنتٍ للزوجةِ مِنْ نَسبٍ أو رَضاعٍ، قريبةٍ أو بعيدةٍ، وارثةٍ أو غيرِ وارثةٍ، فتَحرمُ بناتُ بنتِ المرأةِ وبناتُ ابنِها؛ لدُخولهنَّ تحتَ اسمِ الربييةِ.

وسَواءٌ كانتْ في حِجْرِه أو لم تَكنْ في حِجْرِه تَحرمُ عليهِ إذا دخَلَ بأمِّها، فالدخولُ بالأمهاتِ يُحرِّمُ البناتِ مَطلَقًا، سواءٌ كانَتِ البنتُ في حِجرِه أو لم تكنْ، وذِكرُ الحِجرِ في الآيةِ خرَجَ مَخرجَ العادةِ والغالبِ لا الشَّرطِ، وإنما وصَفَها بذلكَ تَعريفًا لها؛ لأنَّ العادةَ أنَّ الرَّبيبةَ تكونُ في حِجرِه، وهذا قولُ عامةِ الفُقهاءِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ وغيرِهم، إلا أنه رُوِيَ عن عُمرَ وعليٍّ أنهما رخَّصَا فيها إذا لم تَكنْ في حِجرِه، وهوَ قولُ داودَ؛ لقولِ اللهِ تعالَىِ: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣].


(١) «الاستذكار» (٥/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>