وأمَّا قولُه ﷺ:«ولا يُنكِح» فمَعناهُ: لا يُزوِّجُ امرأةً بوِلايةٍ ولا وَكالةٍ، قالَ العلماءُ: سبَبَه أنه لمَّا مُنعَ في مدَّةِ الإحرامِ مِنْ العَقدِ لنَفسِه صارَ كالمرأةِ، فلا يَعقدُ لنَفسِه ولا لغيرِه، وظاهِرُ هذا العُمومِ أنه لا فرْقَ بينَ أنْ يزوِّجَ بوِلايةٍ خاصَّةٍ كالأبِ والأخِ والعَمِّ ونحوِهم، أو بوِلايةٍ عامَّةٍ وهو السُّلطانُ والقاضي ونائبُه، وهذا هو الصَّحيحُ عندَنا، وبه قالَ جُمهورُ أصحابِنا، وقالَ بعضُ أصحابِنا: يَجوزُ أنْ يزوِّجَ المُحرِمُ بالولايةِ العامَّةِ؛ لأنها يُستفادُ بها ما لا يُستفادُ بالخاصَّةِ، ولهذا يَجوزُ للمُسلمِ تَزويجُ الذمِّيةِ بالوِلايةِ العامَّةِ دونَ الخاصَّةِ.
واعلَمْ أنَّ النهيَ عن النكاحِ والإنكاحِ في حالِ الإحرامِ نهيُ تَحريمٍ، فلو عقَدَ لم يَنعقدْ، سواءٌ كانَ المُحرمُ هو الزوجُ أو الزوجةُ أو العاقِدُ لهُما بوِلايةٍ أو وَكالةٍ، فالنكاحُ باطلٌ في كلِّ ذلكَ، حتَّى لو كانَ الزَّوجانِ والوليُّ مُحِلَّينِ ووكَّلَ الوليُّ أو الزوجُ مُحرِمًا في العقد لم يَنعقدْ (١).