للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلكَ بدونِ شرطِ التحليلِ لا يكرهُ، بل يحِلُّ له في قولِهم جَميعًا ويؤجَرُ على ذلكَ إذا كان قَصدُه الإصلاحَ لا مُجردَ قَضاءِ الشهوةِ ونحوِها، وكذا لو نَوَتِ المرأةُ والزوجُ الثاني (١).

وقالَ السَّرخسيُّ : وذُكرَ عن سالمِ بنِ عبدِ الله أنهُ سئلَ عن رَجلٍ طلَّق امرأتَه ثلاثًا فانقضَتْ عدَّتُها فتزوَّجها رَجلٌ ليُحِلِّها للزوجِ الأولِ لم يأمرْهُ الزوجُ بذلكَ ولا المرأةُ قالَ: هذا يَجوزُ، وهو قولُ أبي حنيفةَ وبه نأخُذُ؛ لأنهُ تزوَّجَها نكاحًا مطلَقًا، والنكاحُ سنَّةٌ مرغوبٌ فيها، وإنما قصَدَ بذلكَ ارتفاعَ الحرمةِ بينَهما ليَمنعَهما بذلكَ على ارتكابِ المحرَّمِ ويُوصلَهما إلى مُرادِهما بطريقٍ حَلالٍ، فتكونُ إعانةً على البِرِّ والتقوَى، وذلكَ مَندوبٌ إليهِ، فالظاهرُ أنَّ كلَّ واحدٍ منهما نادمٌ على ما كانَ منهُ مِنْ سُوءِ الخلُق، خُصوصًا إذا كانَ بينَهما ولدٌ، فلو امتَنعَ الثاني مِنْ أنْ يتزوَّجَها ليُحِلَّها للأولِ ربما يَحملُها الندمُ أو فَرطُ مَيلِ كلِّ واحدٍ منهُما إلى صاحبهِ على أنْ يتزوَّجَها مِنْ غيرِ مُحلِّلٍ، فهو يسعَى إلى إتمامِ مُرادِهما على وجهٍ يُندبانِ إليهِ في الشرعِ، فيكونُ مأجورًا فيه، وفي نظيرهِ قالَ رَسولُ اللهِ: «مَنْ أقالَ نادمًا أقالَ اللهُ عثراتِهِ يومَ القيامةِ» (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨٧)، و «شرح فتح القدير» (٤/ ١٨١)، و «البحر الرائق» (٤/ ٦٣)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٩١)، و «المغني» (٧/ ١٣٨).
(٢) «المبسوط» (٣٠/ ٢٢٨)، وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ : وقالَ سالمٌ والقاسِمُ: لا بأسَ أنْ يَتزوَّجَها ليُحِلَّها إذا لم يَعلمِ الزوجانِ، قالا: وهو مَأجورٌ.
وقالَ رَبيعةُ ويَحيى بنُ سعيدٍ: إنْ تزوَّجَها ليُحِلَّها فهوَ مأجورٌ.
وقالَ داودُ بنُ عليٍّ: لا أبعد أنْ يكونَ مُريدُ نكاحِ المُطلَّقةِ ليُحِلَّها لزَوجِها مأجورًا إذا لم يظهرْ ذلكَ في اشتراطِه في حينِ العقدِ؛ لأنه قصَدَ إرفاقَ أخيه المُسلمِ وإدخالَ السُّرورِ عليهِ إذا كانَ نادِمًا مَشغوفًا، فيكونُ فاعلُ ذلكَ مأجورًا إنْ شاءَ اللهُ. «التمهيد» (١٣/ ٢٣٤)، و «الاستذكار» (٥/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>