للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نيَّتِه قَضاءُ إربِه ويُطلِّقُها، وليسَ مِنْ أخلاقِ الناسِ، ابنُ رُشدٍ: هذا إنْ لم يَشترطْ ذلكَ (١).

وقالَ الإمامُ الشافعيُّ : أصلُ ما أَذهبُ إليهِ أنَّ كلَّ عَقدٍ كانَ صَحيحًا في الظاهرِ لم أُبطِلْهُ بتُهمةٍ ولا بعادةٍ بَينَ المتبايعَينِ، وأجزْتُهُ بصحةِ الظاهرِ، وأكرهُ لهُما النيَّةَ إذا كانَتِ النيَّةُ لو أُظهرَتْ كانتْ تُفسِدُ البيعَ، وكما أكرَهُ للرجلِ أنْ يَشتريَ السيفَ على أنْ يَقتُلَ بهِ، ولا يَحرمُ على بائعِهِ أنْ يَبيعَه ممَّن يراهُ أنَّه يَقتلُ بهِ ظُلمًا؛ لأنه قد لا يَقتلُ بهِ، ولا أُفسِدُ عليهِ هذا البيعَ، وكما أكرَهُ للرجلِ أنْ يَبيعَ العنبَ ممَّن يراهُ أنَّه يَعصرُه خَمرًا، ولا أُفسدُ البيعَ إذا باعَهَ إياهُ؛ لأنَّه باعهُ حَلالًا، وقد يُمكِنُ أنْ لا يَجعلَهُ خَمرًا أبدًا، وفي صاحبِ السيفِ أنْ لا يَقتُلَ بهِ أحدًا أبدًا، وكمَا أُفسِدُ نكاحَ المتعةِ.

ولو نَكَحَ رجلٌ امرأةً عَقدًا صَحيحًا وهوَ ينوي أنْ لا يمسِكَها إلَّا يومًا أو أقلَّ أو أكثَرَ لم أُفسِدِ النكاحَ، إنَّما أُفسِدُه أبدًا بالعقدِ الفاسدِ (٢).

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ أيضًا: وإنْ قَدِمَ رجلٌ بلدًا وأحَبَّ أنْ يَنكحَ امرأةً ونيَّتُه ونيَّتُها أنْ لا يُمسكَها إلَّا مُقامَه بالبلدِ أو يومًا أو اثنَينِ أو ثلاثةً كانَتْ على هذا نيَّتُه دونَ نيَّتِها أو نيَّتُها دونَ نيَّتِهِ أو نيَّتهُما معًا ونيَّةُ الوليِّ، غير أنَّهُما إذا عَقَدَا النكاحَ مُطلَقًا لا شرْطَ فيهِ فالنكاحُ ثابتٌ ولا تُفسِدُ النيَّةُ مِنَ النكاحِ شيئًا؛ لأنَّ النيَّةَ حديثُ نَفسٍ، وقد وُضِعَ عنِ الناسِ ما حدَّثُوا بهِ أنفسَهُم،


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٥١٤).
(٢) «الأم» (٣/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>