للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا سجدَ على أنفِه دونَ جَبهتِه مع القُدرةِ عليه فلا يُجزِئُه، خِلافًا لِأبي حَنيفَةَ؛ لقولِه : «ثم يَسجُدُ فيُمَكِّنُ جَبهتَه».

ويُروَى «جَبهتَه مِنْ الأرضِ، حتى تَطمَئن مفَاصِلُه» (١).

ولأنَّه مَوضِعٌ مِنْ الوَجهِ، فلم يَنُبِ السُّجودُ عليه عن الجَبهةِ، أصلُه الذَّقَنُ، ولأنَّ كلَّ عُضوٍ جازَ تَركُ السُّجودِ عليه مِنْ غيرِ عُذرٍ لم يَجُز الاقتِصارُ عليه، كسائرِ أعضاءِ السُّجودِ (٢).

وعنِ الإمامِ أحمدَ رِوايَتَانِ، إحداهما: تَعلُّقُ الفَرضِ بالجَبهةِ خاصَّةً، وهو قولُ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ والشافِعيِّ، كما مرَ، فلو تركَ السُّجودَ عليها حالَ الاختِيارِ لا يُجزِئُه.

والأُخرى: تَعلُّقُه بهما (الجَبهةِ والأنفِ)، وهي المَشهورةُ؛ لمَا رُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «أُمِرتُ أن أَسجُدَ على سَبعَةِ أَعظُمٍ: الجَبهةِ، -وأَشَارَ بِيَدِه على أَنفِه وَاليَدينِ-، وَالرِّجلَينِ، وَأَطرَافِ القَدمَينِ». وإشارتُه على أنفِه تَدلُّ على أنَّه أرادَه. وقولُه : «لا صَلاةَ لِمَنْ لا يُصِيبُ أَنفُه مِنْ الأَرضِ ما يُصِيبُ الجَبِينُ» (٣).

واحتَجَّ القائِلونَ بوُجوبِ الجَبهةِ أنَّه لو سجدَ على أنفِه وَحدَه لا يُجزِئُه بإجماعِ الصَّحابةِ، فقد نقلَ ابنُ المُنذرِ إجماعَ الصَّحابةِ على أنَّه لا يُجزِئُ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٨٥٨).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٧٨، ٢٧٩) رقم (١٩٣، ١٩٤).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الدَّارقطني (١٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>