للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: «إنَّ العُمرةَ قدْ دَخلَتْ في الحَجِّ»، فقالَ لهُ سُراقةُ بنُ مالِكٍ أو مالِكُ بنُ سُراقةَ -شَكَّ عَبدُ العَزيزِ أحَدُ الرُّواةِ-: أيْ رَسولَ اللَّهِ عَلِّمْنا تَعليمَ قَومٍ كأنَّما وُلِدُوا اليَومَ، عُمْرَتُنا هَذهِ لعامِنا هذا أم لأَبَدِ؟ قالَ: «بل لأَبَدِ»، فلمَّا قَدِمْنا مكَّةَ طُفْنا بالبَيتِ وبَيْنَ الصَّفا والمَروةِ، ثُمَّ أمَرَنا بمُتعَةِ النِّساءِ، فرَجَعْنا إليهِ فقُلْنا: يا رَسولَ اللَّهِ إنهنَّ قد أَبَيْنَ إلَّا إلى أجَلٍ مُسَمًّى، قالَ: «فافعَلُوا»، قالَ: فخَرَجتُ أنا وصاحِبٌ لي عَليَّ بُرْدٌ وعليهِ بُرْدٌ، فدَخَلْنا على امرَأةٍ فعَرَضْنا عليها أنفُسَنا، فجعَلَتْ تَنظُرُ إلى بُردِ صاحِبِي فتَراهُ أَجْوَدَ مِنْ بُرْدِي، وتَنظرُ إليَّ فتَرانِي أَشَبَّ منه، فقالَتْ: بُرْدٌ مَكانَ بُرْدٍ، واختَارَتْني، فتَزوَّجتُها عَشرًا ببُرْدِي، فَبِتُّ مَعها تلكَ اللَّيلةَ، فلمَّا أَصبَحْتُ غَدَوْتُ إلى المَسجدِ فسَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ وهُو على المِنبَرِ يَخطُبُ يَقولُ: «مَنْ كانَ مِنْكُمْ تَزوَّجَ امرَأةً إلى أجَلٍ فلْيُعْطِها ما سَمَّى لها ولا يَستَرجِعْ ممَّا أعطاها شَيئًا ولْيُفارِقْها، فإنَّ اللَّهَ تَعالى قدْ حَرَّمَها عَليكُم إلى يَومِ القِيامَةِ» (١)، وما حُرِّمَ إلى يَومِ القِيامةِ فقدْ أمِنَّا نسْخَه.

فهذهِ الأحادِيثُ قد ورَدَ في بَعضِها أنها حُرِّمَتْ يَومَ خيبَرَ، وفي بعْضِها أنها حُرِّمتْ يَومَ الفَتحِ، وفي بعضِها في حجَّةِ الوَداعِ، فإنَّ هذهِ كانَتْ عادَتَه ، تَكريرُ مِثلِ هذا في مَغازِيهِ وفي المَواضِعِ الجامِعةِ، فذكَرَها في حجَّةِ الوَداعِ؛ لاجتِماعِ النَّاسِ حتَّى يَسمعَه مَنْ لم يَكنْ سَمعَه، فأكَّدَ ذلكَ حتَّى لا تبقَى شُبهةٌ لأحَدٍ يدِّعِي تَحليلَها، ولأنَّ أهلَ مَكةَ كانُوا يَستعمِلونَها كَثيرًا.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (١٥٣٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>