للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: يُشتَرطُ في الفَسخِ بعَيبِ العُنَّةِ رَفعٌ إلى حاكِمٍ جزمًا؛ لأنَّ ثُبوتَها يَتوقَّفُ على مَزيدِ نظرٍ واجتِهادٍ، ويَكفي عنهُ مُحَكَّمٌ بشَرطِهِ ولَو معَ وُجودِ قاضٍ.

وكذا سائرُ العُيوبِ السَّابقةِ، يُشتَرطُ في الفَسخِ بكُلٍّ منها الرَّفعُ إلى الحاكمِ في الأصَحِّ؛ لأنه فَسخٌ مُجتَهدٌ فيهِ، فأشبَهَ الفَسخَ بالإعْسارِ، ولو تَراضيَا بالفَسخِ ممَّا يَجوزُ الفسخُ بهِ لم يَصحَّ.

والثَّاني: لا يُشتَرطُ الرَّفعُ للحاكمِ، بل لكلٍّ مِنهُما الانفِرادُ بالفَسخِ كالردِّ بالعَيبِ (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ إلى أنَّ الفَسخَ في خيارِ العَيبِ أو خِيارِ الشَّرطِ لا يَكونُ إلَّا بحُكمِ حاكمٍ؛ لأنه فَسخٌ يُجتهَدُ فيهِ فافتقرَ إليهِ، فيَفسخُهُ الحاكمُ أو يَردُّ الفَسخَ إلى مَنْ لهُ الخِيارُ فيَفسخُه، ويَصحُّ الفسخُ مِنَ المَرأةِ حيث مَلَكَتْهُ في غَيبةِ الزَّوجِ، والأَولى الفَسخُ مع حُضورِ الزَّوجِ.


(١) «البيان» (٩/ ٣٠٧، ٣٠٨)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٧٤، ٣٧٥)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٢٤٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٣٤)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ١٧)، و «الديباج» (٣/ ٢٨٦). وقالَ العَمرانِيُّ في «البيان» (٩/ ٢٩٧): ولا يَثبتُ هذا الفسخُ إلَّا بالحاكمِ؛ لأنه مُختلَفٌ فيه، فلم يَثبتْ إلا بالحاكمِ، كفَسخِ النكاحِ للإعسارِ بالنفقةِ والمَهرِ.
قالَ الشيخُ أبو حامِدٍ: ولا يَجوزُ لأحَدِ الزوجَينِ أنْ يَتولَّى الفَسخَ بنَفسِه بحالٍ.
وقالَ ابنُ الصبَّاغِ: إذا رفَعَتِ الأمرَ إلى الحاكمِ .. فالحاكمُ أَولى به، وهوَ بالخِيارِ، فإنْ شاءَ .. فسَخَ بنَفسِه، وإنْ شاءَ .. أمَرَها بالفَسخِ.
وقالَ القفَّالُ: إذا رَفعَتِ الأمرَ إلى الحاكمِ وأثبتَتِ العَيبَ عِندَه .. خُيِّرتْ بيْنَ أنْ تَفسخَ بنَفسِها، وبيْنَ أنْ يَفسخَ الحاكمُ بمَسألتِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>