للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ في المَذهبِ: الصِّناعةُ مِنْ خِصالِ الكَفاءةِ في النكاحِ، فمَن كانَ مِنْ أهلِ الصِّناعةِ الدَّنيئةِ كالحائِكِ والحَجَّامِ والحارِسِ والكَسَّاحِ والدبَّاغِ والقَيِّمِ والحَمَّامِيُّ والزبَّالُ فليسَ بكُفءٍ لبَناتِ ذَوي المُروءاتِ أو أصحابِ الصَّنائعِ الجَليلةِ كالتِّجارةِ والبنايَةِ؛ لأنَّ ذلكَ نَقصٌ في عُرفِ النَّاسِ فأشبَهَ نقْصَ النَّسَبِ، وقدْ جاءَ في الحَديثِ: «العَربُ بَعضُهم لبَعضٍ أكْفَاءٌ إلا حائِكًا أو حَجَّامًا» (١)، قيلَ لأحمدَ : وكيفَ تَأخذُ بهِ وأنتَ تُضعِّفُه؟ قالَ: العَملُ عليهِ، يَعني أنه ورَدَ مُوافِقًا لأهلِ العُرفِ (٢).

وذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ في رِوايةٍ والمالِكيةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ ذلكَ ليسَ بنَقصٍ؛ لأنَّ ذلكَ ليسَ بنَقصٍ في الدِّينِ، ولا هو مُلازِمٌ؛ لأنَّ الحِرفةَ ليسَتْ بلازِمةٍ، ويُمكِنُ التَّحولُ عن الخَسيسةِ إلى النَّفيسةِ مِنها، فأشبَهَ الضَّعفَ والمَرضَ.

قالَ بَعضُهم:

ألَا إنَّما التَّقوى هيَ العزُّ والكَرَمْ … وحُبُّكَ للدُّنيا هو الذلُّ والسَّقَمْ

وليسَ على عَبدٍ تَقيٍّ نَقيصةٌ … إذا حقَّقَ التَّقوى وإنْ حَاكَ أو حَجَمْ

ولأنَّ المالِكيةَ لا يَعتبِرونَ الكَفاءةَ إلا في ثلاثةٍ أشياءَ: الدِّينُ والحُريةُ والسَّلامةُ مِنْ العُيوبِ المُوجِبةِ للردِّ (٣).


(١) حَدِيثٌ مَوضُوع: رواه البيهقي في «السنن الكبرى» (١٣٥٤٧).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٩)، و «المبدع» (٧/ ٥٣)، و «كشاف القناع» (٥/ ٧٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٥٣)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٨٦)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٦٩).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٢٠)، و «الهداية» (١/ ٢٠٢)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٤)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٩)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٦٣)، و «اللباب» (٢/ ٣٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٠٦، ٣٠٧) رقم (١١٤٣)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٩)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٢٦)، و «مواهب الجليل» (٥/ ١٠٣)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٠٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٨)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٩٨)، و «المغني» (٧/ ٢٩)، و «المبدع» (٧/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>