للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوى عَبد اللهِ بنُ شَدَّادٍ «أنَّ رَجلًا قرأَ خلفَ رَسولِ اللهِ وآخَرُ يَنهاهُ، فلمَّا انصَرفَ قالَ له: إنَّ قراءَةَ الإمامِ لكَ قِراءةٌ».

ورَوى أبو الدَّرداءِ قالَ: سُئلَ رَسولُ اللهِ : أفي كلِّ صَلاةٍ قِراءةٌ؟ قالَ: «نَعم». فقالَ رَجلٌ مِنْ الأنصارِ: وجبَت هذه. فقالَ النَّبيُّ : «ما أرَى الإمَامَ إذا أمَّ القَومَ إلا قد كفَاهُم» (١).

ورَوى أبو قِلابةَ أنَّه قالَ: «هل تَقرَؤُونَ خلفَ إمامِكُم؟»، قالَ بعضٌ: نَعم، وقالَ بَعضٌ: لا. فقالَ: «إن كُنْتُمْ لا بدَّ فاعِلِينَ فليَقرأ أحَدُكم فاتِحَةَ الكتابِ في نَفسِهِ» (٢).

ففيه أدلَّةٌ: أحَدُها: لم يُنكِر على مَنْ قالَ: لا. والثاني: أنَّه قالَ: «إن كُنْتُمْ لا بدَّ فاعِلينَ»، وهذا لا يُقالُ في الواجِبِ، وإنَّما يُقالُ فيما تَركُه أَولَى مِنْ فِعلِه. والثَّالثُ: أنَّه أمرَه أن يَقرأَ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ في نَفسِهِ، وهو يَتضَمَّنُ النَّهيَ عن التَّلَفُّظِ بها.

ولقولِه: «كلُّ صَلاةٍ لا يُقرَأُ فيها بفاتِحةِ الكتابِ فهي خِداجٌ، إلا وَراءَ الإمامِ» (٣)، ولأنَّها حالُ ائتِمامٍ، كما لو أدرَكَه راكِعًا.

ولأنَّ ذلك لو كانَ واجِبًا على المَأمومِ لم يسقُط عنه بحالٍ، كالإمامِ والمُنفرِدِ، فلمَّا سَقَطت عنه حالَ الرُّكوعِ، دلَّ على أنَّها غيرُ واجِبةٍ.

(فَصلٌ): إذا قرأَ حالَ جَهرِ الإمامِ، كُرِهَ ذلك، ولم تبطُل صَلاتُه، خِلافًا لِبعضِهم؛ لأنَّ القِراءةَ خلفَ الإمامِ لا تُبطِلُ صَلاةَ المَأمومِ، كحالِ الإسرارِ (٤).


(١) صَحِيحٌ مَوقوفًا: رواه النسائي (٩٢٣)، وأحمد (٢٧٥٧٠).
(٢) رواه ابن أبي شَيبة في «مصنفه» (٣٧٥٧).
(٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه البخاري في القراءة خلف الإمام (٣٥٠، ٣٥١).
(٤) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٦٢، ٢٦٥) رقم (١٨١، ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>