وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ النَّسبَ ليسَ مِنْ خِصالِ الكَفاءةِ.
جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: (قُلتُ): أرأَيتَ إنْ كانَتْ ثيِّبًا فخطَبَ الخاطِبُ إليها نفْسَها فأَبى والِدُها أو وليُّها أنْ يزوِّجَها، فرَفعَتْ ذلكَ إلى السُّلطانِ وهوَ دُونَها في الحَسَبِ والشَّرفِ، إلا أنه كُفءٌ في الدِّينِ فرَضيَتْ بهِ وأَبى الوَليُّ؟ (قالَ): يُزوِّجُها السُّلطانُ ولا يُنظرُ إلى قَولِ الأبِ والوَليِّ إذا رَضيَتْ بهِ وكانَ كفُؤًا في دِينِه، قالَ: وهذا قولُ مالكٍ.
(قُلتُ): أرأَيتَ إنْ كانَ كُفؤًا في الدِّينِ ولمْ يكنْ كفُؤًا لها في المالِ فرَضيَتْ بهِ وأَبى الوَليُّ أنْ يَرضى، أيُزوِّجُها منه السُّلطانُ أم لا؟ (قالَ): ما سَمِعتُ مِنْ مالكٍ في هذا شَيئًا، إلَّا أنِّي سَألتُ مالِكًا عن نِكاحِ المَوالي في العَربِ فقالَ: لا بَأسَ بذلكَ، ألَا تَرى إلى ما قالَ اللهُ في كِتابهِ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣]، (قُلتُ): أرأَيتَ إنْ رَضيَتْ بعَبدٍ وهيَ امرأةٌ مِنْ العربِ وأَبى الأبُ أو الوَليُّ أنْ يُزوِّجِها وهيَ ثيِّبٌ، أيُزوِّجُها منه السُّلطانُ أم لا؟ (قالَ): لم أسمَعْ مِنْ مالِكٍ فيهِ شَيئًا إلَّا ما أخبَرتُكَ، (قالَ): ولقدْ قيلَ لمالِكٍ: إنَّ بعضَ هؤلاءِ القَومِ فرَّقُوا بيْنَ عَربيةٍ ومَولًى، فأعظَمَ ذلكَ إعظامًا شَديدًا، أهلُ الإسلامِ كلُّهم بَعضُهمْ لبَعضٍ أكفَاءٌ؛ لقَولِ اللهِ في التَّنزيلِ: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (١).