للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ النكاحَ مَقصودُه حُسنُ الأُلفَةِ، فإذا كانتِ المرأةُ أعلى مَنصِبًا اشتَغلَتْ عنِ الرَّجلِ، فلا يَتمُّ بهِ المَقصودُ (١).

وذهَبَ الكَرخيُّ مِنْ الحَنفيةِ وحَكاهُ الكاسانِيُّ عن سُفيانَ الثَّوريِّ والحسَنِ البَصريِّ إلى أنَّ الكَفاءةَ ليسَتْ بشَرطٍ أصلًا، واحتَجُّوا بما رُوي أنَّ أبا طَيبةَ خطَبَ إلى بَني بَياضةَ فأبَوا أنْ يُزوِّجوهُ، فقالَ رَسولُ اللهِ : «يا بَني بَياضَة أَنكِحُوا أبَا هِندٍ وأَنكِحُوا إليه» (٢).

ورُويَ أنَّ بِلالًا خطَبَ إلى قَومٍ مِنَ الأنصارِ فأبَوا أنْ يُزوِّجُوه، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ : «قُلْ لهم: إنَّ رسولَ اللهِ يأمُرُكم أنْ تُزوِّجوني» (٣)، أمَرَهم رسولُ اللهِ بالتَّزويجِ عندَ عدمِ الكَفاءةِ، ولو كانَتْ مُعتبَرةً لَمَا أمَرَ؛ لأنَّ التَّزويجَ مِنْ غيرِ كُفءٍ غيرُ مأمورٍ به، وقالَ : «لا فَضْلَ لعَربيٍّ على أعجَمِيٍّ ولا لعَجمِيٍّ على عَربيٍّ ولا لأحمَرَ على أسوَدَ ولا أسوَدَ على أحمَرَ إلا بالتَّقوى» (٤)، وهذا نَصٌّ، ولأنَّ الكَفاءةَ لو كانَتْ مُعتبَرةً في الشَّرعِ لَكانَ أَولى الأبوابِ بالاعتبارِ بها


(١) «المغني» (٧/ ٢٦، ٢٧)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٣٥، ٣٣٦)، و «الإنصاف» (٨/ ١٠٥، ١٠٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٧٢، ٧٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٥٠، ١٥١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٨٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٦٦، ٥٦٧)، و «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٢٨).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٢١٠٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٠٦٧).
(٣) لم أجده.
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الإمام أحمد في «مسنده» (٢٣٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>