للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ النبيُّ : «ثلاثةٌ يُؤتَونَ أجرَهُم مَرَّتينِ، الرَّجلُ تكونُ له الأمَةُ فيُعلِّمُها فيُحسِنُ تَعليمَها ويُؤدِّبُها فيُحسِنُ أدَبَها ثمَّ يُعتِقُها فيَتزوَّجُها فلهُ أجرانِ، ومُؤمِنُ أهلِ الكِتابِ الذي كانَ مُؤمِنًا ثمَّ آمَنَ بالنبيِّ فلهُ أجرانِ، والعَبدُ الذي يُؤدِّي حقَّ اللهِ ويَنصَحُ لسيِّدِه» (١).

ولأنَّ المَعنى الذي شُرِعَتْ له الكَفاءةُ يُوجِبُ اختِصاصَ اعتِبارِها بجانِبِهم؛ لأنَّ المرأةَ هي التي تَستَنْكِفُ لا الرَّجلُ؛ لأنها هي المُستفرَشةُ، فأمَّا الزَّوجُ فهوَ المُستفرِشُ، فلا تَلحقُه الأَنَفةُ مِنْ قِبلِها.

قالَ الكاسانِيُّ : ومِن مَشايخِنا مَنْ قالَ: إنَّ الكفاءةَ في جانِبِ النِّساءِ مُعتبَرةٌ أيضًا عندَ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ؛ استِدلالًا بمَسألةٍ ذكَرَها في «الجَامع الصَّغير» في بابِ الوَكالةِ، وهيَ أنَّ أميرًا أمَرَ رجلًا أنْ يُزوِّجَهُ امرأةً فزوَّجهُ أمَةً لغيرِه، قالَ: جازَ عندَ أبي حَنيفةَ، وعندَهُما لا يَجوزُ، ولا دَلالةَ في هذه المَسألةِ على ما زعَمُوا؛ لأنَّ عدمَ الجوازِ عندَهما يَحتِملُ أنْ يكونَ لمعنًى آخَرَ، وهو أنَّ مِنْ أصلِهما أنَّ التَّوكيلَ المُطلَقَ يتقيَّدُ بالعُرفِ والعادةِ، فيَنصرفُ إلى المُتعارَفِ، كما في الوَكيلِ بالبَيعِ المُطلَقِ (٢).


(١) رواه البخاري (٢٨٤٩).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٢٠)، و «الهداية» (١/ ٢٠٠)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٣)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٩٣، ٢٩٤)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «اللباب» (٢/ ٣٣)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٣٧)، و «العناية» (٤/ ٤٤١)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٦٠، ٣٦١)، و «مجموع الفتاوى» (١٩/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>