قيلَ: إنَّ أهلَ الكِتابِ ليسَ في أصلِ دِينِهم شِركٌ، فإنَّ اللهَ إنَّما بعَثَ الرُّسلَ بالتَّوحيدِ، فكُلُّ مَنْ آمَنَ بالرُّسلِ والكتُبِ لم يَكنْ في أصلِ دِينِهم شِركٌ، ولكنَّ النَّصارى ابتَدعُوا الشِّركَ كما قالَ: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، فحيثُ وصَفَهم بأنهُم أشرَكُوا فلِأجْلِ ما ابتَدعُوه مِنْ الشِّركِ الذي لم يأمُرِ اللهُ به، فوجَبَ تميُّزُهم عن المُشركينَ؛ لأنَّ أصلَ دِينِهم اتِّباعُ الكُتبِ المُنزَلةِ التي جاءَتْ بالتوحِيدِ لا بالشِّركِ.
فإذا قيلَ: أهلُ الكتابِ لم يَكونُوا مِنْ هذهِ الجهةِ مُشركينَ، فإنَّ الكِتابَ الذي أُضيفُوا إليه لا شِركَ فيه، كما إذا قيلَ:«المُسلِمونَ وأمَّةُ مُحمدٍ» لم يَكنْ فيهِم مِنْ هذه الجهةِ لا اتِّحادٌ ولا رَفضٌ ولا تَكذيبٌ بالقَدرِ ولا غيرُ ذلكَ مِنْ البدَعِ، وإنْ كانَ بعضُ الداخِلينَ في الأمَّةِ قد ابتَدَعَ هذه البدَعَ، لكنَّ