للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الإمامُ مالِكٌ فقالَ ابنُ خُوَيزِ مَندادَ: لم يختلِف قولُ مالِكٍ أنَّه مَنْ نَسيَها -أي: الفاتِحةَ- في صَلاةِ رَكعةٍ مِنْ صَلاةِ رَكعتَينِ -مِثلَ الفَجرِ- أنَّ صَلاتَه تبطُلُ ولا تُجزِئُه، واختَلفَ قولُه فيمَن تركَها ناسِيًا في رَكعةٍ مِنْ صَلاةٍ رُباعيَّةٍ أو ثُلاثيَّةٍ، فقالَ مرَّةً: يُعيدُ الصَّلاةَ، وقالَ مرَّةً: يَسجُدُ سَجدَتَيِ السَّهوِ، وهي رِوايةُ ابنِ عَبد الحَكَمِ وغيرِه عن مالِكٍ. وقد قيلَ: إنَّه يُعيدُ تلك الرَّكعةَ ويَسجُدُ لِلسَّهوِ بعدَ السَّلامِ.

قالَ ابنُ عَبد البرِّ : الصَّحِيحُ مِنْ القولِ إلغاءُ تلك الرَّكعةِ، ويأتي برَكعةٍ بَدلًا منها، كمَن أسقَطَ سَجدةً سَهوًا، وهو اختِيارُ ابنِ القاسِمِ (١).

وقالَ الخرَشيُّ : قولُه: «وهل تَجِبُ الفاتِحةُ في كلِّ رَكعةٍ، أو الجُلِّ، خِلافٌ (ش) الأوَّلُ لِمالِكٍ في المُدَوَّنةِ، وشَهَّرَهُ ابنُ شاسٍ وابنُ الحاجِبِ وعَبدُ الوهَّابِ وابنُ عَبد البرِّ؛ لِخَبرِ «مَنْ صلَّى صَلاةً لم يَقرأ فيها بأُمِّ القُرآنِ فهي خِداجٌ خِداجٌ خِداجٌ»، أي: غيرُ تَمامٍ، بِناءً على أنَّ المُرادَ بالصَّلاةِ كلُّ رَكعةٍ؛ لأنَّه الظاهرُ مِنْ السِّياقِ؛ إذ مَحَلُّ القِراءةِ مِنْ الصَّلاةِ كلُّ قِيامٍ، فهو كما قيلَ: كلُّ صَلاةٍ لم يُركَع فيها، أو لم يُسجَد، وقيلَ: تَجِبُ في الجُلِّ، وتُسَنُّ في الأقَلِّ، وإليه رَجعَ مالِكٌ، وشَهَّرَهُ صاحِبُ الإرشادِ، وهو ابنُ عَسكَرٍ القَرافيُّ، وهو ظاهرُ المَذهبِ، وإن ضَعَّفَه في تَوضيحِه بما يُعلَمُ بالوُقوفِ عليه، وقيلَ يَكتَفي بها في رَكعةٍ، وهو قولُ المُغيرةِ: لا يُقالَ: كيف يَقولُ المُؤلِّفُ: خِلافٌ، مع أنَّه ضَعَّفَ القولَ الثانيَ؟ لأنَّا نَقُولُ: هو مُتقيِّدٌ بالتَّشهيرِ المَوجودِ لِأهلِ المَذهبِ، ولا يُعَوَّلُ على ما يَظهرُ له، وعلى


(١) «التَّمهيد» (٢٠/ ١٩٢، ٢١٣)، و «تفسير القرطبي» (١/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>