إحداهُما: أنها كمَنْ لم تَبلغْ تِسعًا، نَصَّ عليه في رِوايةِ الأثرَمِ، وهو قولُ مالكٍ والشافعيِّ وأبي حَنيفةَ وسائرِ الفُقهاءِ، قالُوا: حُكمُ بنتِ تِسعِ سِنينَ حُكمُ بنتِ ثَمانٍ؛ لأنها غيرُ بالِغةٍ، ولأنَّ إذنَها لا يُعتبَرُ في سائرِ التصرُّفاتِ، فكذلكَ في النكاحِ.
والرِّوايةُ الثانيةُ: حُكمُها حُكمُ البالغةِ، نَصَّ عليه في روايةِ ابنِ منصورٍ؛ لمَفهومِ الآيةِ ودَلالةِ الخبَرِ بعُمومِها على أنَّ اليَتيمةَ تُنكَحُ بإذنها، وإنْ أبَتْ فلا جَوازَ عليها، وقد انتفَى به الإذنُ فيمَن دُونَها، فيَجبُ حَملُه على مَنْ بلَغَتْ تِسعًا، وقد رَوى الإمامُ أحمدُ بإسنادِه عن عائِشةَ ﵂ أنها قالَتْ:«إذا بلغَتِ الجارِيةُ تِسعَ سِنينَ فهي امرأةٌ»، ورواهُ القاضي بإسنادِه عن ابنِ عُمرَ عن النبيِّ ﷺ بمعناهُ في حُكمِ المرأةِ، ولأنها بلَغَتْ سِنًّا يُمكِنُ فيه حيضُها ويَحدثُ لها حاجةٌ إلى النكاحِ، فيُباحُ تزويجُها كالبالغةِ.
فعَلى هذا إذا زوِّجَتْ ثم بلَغَتْ لم يكنْ لها خِيارٌ كالبالغة إذا زوِّجَتْ، وقد خطَبَ عُمرُ ﵁ أمَّ كُلثومٍ ابنةَ أبي بكرٍ بعدَ مَوتهِ إلى عائشةَ