للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُسعِه إلا ذلك، وهل يُعيدُها إذا بَرئَ، رُويَ عن مُحمدِ بنِ مُقاتِلٍ الرَّازِيِّ أنَّه يُعيدُها.

وأمَّا في ظاهِرِ الجَوابِ فلا إعادةَ عليه؛ لأنَّ العَجزَ عن تَحصيلِ الشَّرائِطِ لا يَكونُ فوقَ العَجزِ عن تَحصيلِ الأركانِ، وهناك لا تَجِبُ الإعادةُ، فههنا أَولَى، ولو كان بجَبهتِه جُرحٌ لا يَستَطيعُ السُّجودَ على الجَبهةِ لم يُجزِئه الإيماءُ، وعليه السُّجودُ على الأنفِ؛ لأنَّ الأنفَ مسجدٌ كالجَبهةِ، خُصوصًا عندَ الضَّرورةِ، على ما مرَ، وهو قادِرٌ على السُّجودِ عليه، فلا يُجزِئُه الإيماءُ.

ولو عجَز عن الإيماءِ وهو تَحريكُ الرَّأسِ فلا شَيءَ عليه عندَنا.

وقالَ زُفَرُ: يُومِئُ بالحاجِبَينِ أوَّلًا، فإن عجَز فبالعَينَينِ، فإن عجَز فبقَلبِه.

وقالَ الحَسنُ بنُ زِيادٍ: يُومِئُ بعَينَيِه وبحاجِبَيه، ولا يُومِئُ بقَلبِه.

وَجهُ قولِ زُفَرَ أنَّ الصَّلاةَ فَرضٌ دائِمٌ لا يسقطُ إلا بالعَجزِ، فما عجَز عنه يسقطُ، وما قدَر عليه يَلزمُه بقَدرِه، فإذا قدَر بالحاجِبَينِ كان الإيماءُ بهما أَولَى؛ لأنَّهما أقرَبُ إلى الرَّأسِ، فإن عجَز الآنَ يُومِئُ بعَينَيهِ؛ لأنَّهما مِنْ الأعضاءِ الظَّاهرةِ، وجَميعُ البَدنِ ذو حَظٍّ من هذه العِبادةِ، فكذا العَينانِ، فإن عجَز فبالقَلبِ؛ لأنَّه في الجُملةِ ذو حَظٍّ من هذه العِبادةِ، وهو النِّيةُ، ألَا تَرى أنَّ النِّيةَ شَرطُ صحَّتِها؟ فعندَ العَجزِ تَنتَقلُ إليه.

وَجهُ قولِ الحَسنِ أنَّ أركانَ الصَّلاةِ تُؤدَّى بالأعضاءِ الظَّاهرةِ، فأمَّا الباطِنةُ فليس بذي حَظٍّ مِنْ أركانِها، بل هو ذو حَظٍّ مِنْ الشَّرطِ، وهو النِّيةُ، وهي قائِمةٌ أيضًا عندَ الإيماءِ، فلا يُؤدَّى به الأركانُ والشَّرطُ جَميعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>