للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزوجةُ أحَقَّ ومَن دُعيَ إلى تَزويجِها به أَولى، فإنْ قالَتْ: «هُما عِندي سَواءٌ فزوِّجُوني بأحَدِهما» فلا قُرعةَ هاهُنا؛ لأنه يَصيرُ قِراعًا بينَ الزَّوجينِ، والقُرعةُ لا تميُّزُ المَعقودَ عليهِ، وإنَّما يتعيَّنُ بالرضَا والاختِيارِ، وإذا كانَ كذلكَ صارَ الأولياءُ عَضلةً؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يَمتنعُ مَنْ رَضيَه الآخَرُ، فوجَبَ أنْ يُرجعَ في تَزويجِها إلى السُّلطانِ، كما لو صرَّحُوا بالعَضلِ حتَّى زوَّجَها بمَن يَختارُه لها مِنْ الزَّوجينِ المُختلَفِ فيهِما (١).

وقالَ الحَنابلةُ: إذا استَوى وليَّانِ فأكثرُ لامرأةِ في الدَرجةِ كإخوةٍ لها كلُّهم لأبوَينِ أو لأبٍ أو أعمامٌ كذلكَ أو بنو إخوةٍ كذلكَ فإنْ أذنَتْ لواحدٍ منهم بعَينِه تعيَّنَ ولم يَصحَّ نكاحُ غيرِه ممَّن لم تأذَنْ؛ لعدمِ الإذنِ، وإنْ أذنَتْ لكلِّ واحدٍ منهم أنْ يزوِّجَها صَحَّ التزويجُ مِنْ كلِّ واحدٍ منهم؛ لأنَّ سبَبَ الولايةِ مَوجودٌ في كلِّ واحدٍ منهم، والأَولى تقديمُ أفضَلِهم عِلمًا ودِينًا، ثمَّ إنِ استَوَوا في العلمِ والدِّينِ قُدِّمَ أسَنُّهم؛ لأنَّ النبيَّ لمَّا قَدِمَ إليهِ مُحيصةُ وحُويصةُ وعبدُ الرحمنِ بنُ سهلٍ وكانَ أصغَرَهم فقالَ النبيُّ : «كَبِّرْ كَبِّرْ» أي: قَدِّمِ الأكبَرَ، فتقدَّمَ حُويصةُ، ولأنه أحوَطُ للعَقدِ في اجتِماعِ شُروطِه والنظرِ في الحَظِّ.

فإنْ تَشاحُّوا -أي الأولياءُ المُستَوونَ في الدَّرجةِ- أُقرعَ بينَهُم؛ لأنهم تَساوَوا في الحَقِّ وتعذَّرَ الجَمعُ، فإنْ سبَقَ غيرُ مَنْ خرَجَتْ له القُرعةُ فزوَّجَ


(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ١٢٠، ١٢١)، و «المهذب» (٢/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>