للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المالِكيةُ: إذا كانَ للمَرأةِ أولياءُ وهُمْ في المنزلةِ سواءٌ -إخوةٌ أو بَنُو إخوةٍ أو أعمامٌ أو بَنو أعمامٍ- فاختَلفُوا أيُّهم يَتولَّى العقدَ مع اتِّفاقِهم على الزَّوجِ، أو اختَلفُوا في تَعيينِ الزَّوجِ بأنْ يُريدَ كلٌّ منهُم تَزويجَها لغيرِ مَنْ يُريدُه الآخَرُ ولم تُعيِّنِ المرأةُ أحَدَ الزَّوجينِ -وإلَّا أُجيبَتْ إلى ما عيَّنتْه إنْ كانَ كُفئًا- فإنَّ السُّلطانَ يَنظرُ فيمَن يَلي العقدَ مِنهم في الأُولى، وفيمَن يُزوِّجُها هو منه في الثانيةِ، وإنْ لم يَكنْ سُلطانٌ أُقرعَ بينَهم (١).

وقالَ الشافِعيةُ: إذا كانَ للمَرأةِ جَماعةُ أولياءَ في درجةٍ واحدةٍ كالأخوةِ والأعمامِ فيَنبغي لها ولهم أنْ يَردُّوا عقْدَ نكاحِها إلى أسَنِّهم وأعلَمِهم وأورَعِهم؛ لأنَّ ذا السِّنِّ قد جرَّبَ الأمور، وذا العِلمِ أعرَفُ بأحكامِ العُقودِ، وذا الوَرعِ أسلَمُ اختيارًا وأكثرُ احتِياطًا.

فإذا تقرَّرَ هذا فللمَرأةِ المَخطوبةِ حالتانِ: إحداهما: أنْ تأذَنَ لأحَدِهم بعَينِه في العَقدِ عليها، والثانيةُ: أنْ لا تعيِّنَ، فإنْ عيَّنَتْ فقالَتْ: «قد أَذِنتُ لفُلانٍ مِنْ أخوَتي، أو مِنْ أعمامِي أنْ يزوِّجَني لفُلانٍ، أو بمَن يَختارُه لي مِنْ الأكْفَاءِ» فيكونُ المأذُونُ له منهم أحَقَّ بعَقدِ نكاحِها مِنْ جَماعتِهم، فإنْ زوَّجَها غيرُه منهم كانَ نكاحُها باطِلًا، سواءٌ كانَتْ قد عيَّنَتْ على الزوجِ أو لم تعيِّنْ؛ لأنها لم تأذَنْ له، فصارَ عاقدًا بغيرِ إذنٍ، فبطَلَ عَقدُه.


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٥٠٨)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٩١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٣)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٧٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>