للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ فُقدَ المُعتِقُ وعَصبتهُ زوَّجَ السُّلطانُ المرأةَ؛ لقولِ النبيِّ : «السُّلطانُ وَليُّ مَنْ لا وَليَّ له» (١)، وهو هُنا مَنْ شَملَها ولايتُه عامًّا كانَ أو خاصًّا، كالقاضِي والمُتولِّي لعُقودِ الأنكِحةِ أو هذا النكاحِ بخُصوصِه.

وكذا يُزوِّجُ السُّلطانُ إذا عضَلَ القَريبُ ولو مُجبِرًا أو المُعتِقُ إجماعًا.

ولا يُزوِّجُ ابنٌ أمَّه وإنْ علَتْ ببُنوَّةٍ؛ لأنه لا وِلايةَ للابنِ على أمِّه، وليسَ له أنْ يزوِّجَها بالبنوَّةِ إلا أنْ يكونَ عَصبةً لها؛ لأنَّ الولايةَ ثبتَتْ للأولياءِ لدَفعِ العارِ عن النَّسبِ، ولا نسَبَ بينَ الابنِ والأمِّ؛ لأنه لا مُشارَكةَ بينَهُما في النسَبِ؛ لأنها تُنسَبُ إلى أبيها والابنَ يُنسَبُ إلى زوجِها، والزوجُ لا وِلايةَ له على امرأتِه، والأمُّ لا تزوِّجُ نفْسَها، فكذا مَنْ يُدلِي بها.

ولأنَّ ولايةَ النكاحِ إنَّما وُضعَتْ طلَبًا لحَظِّ المرأةِ والإشفاقِ عليها، والابنُ يَعتقدُ أنَّ تَزويجَ أمِّه عارٌ عليهِ، فلا يَطلبُ لها الحَظَّ ولا يُشفقُ عليها، فلمْ يَستحقَّ الولايةَ عليها.

إلَّا إذا كانَ للابنِ تَعصيبٌ بأنْ كانَ ابنَ ابنِ عمِّها جازَ له أنْ يزوِّجَ؛ لأنهُما يَشتركانِ في النسَبِ؛ لأنهُما يَنتسِبانِ إلى مَنْ هو أعلَى منهُما، فجازَ له تَزويجُها كتزويجِ الأخِ لأختِه للأبِ، وكذا لو كانَ وكيلًا لوليِّها أو قاضِيًا؛


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٠٨٣)، والترمذي (١١٠٢)، وأحمد (٢٥٣٦٥)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٠٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>