للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الأبَ أكمَلُ نظَرًا وأشَدُّ شفَقةً، فوجَبَ تَقديمُه في الولايةِ كتَقديمِه على الجَدِّ، ولأنَّ الأبَ يَلي ولَدَه في صِغرِه وسَفهِه وجُنونِه، فيَليهِ في سائرِ ما ثَبتَتِ الولايةُ عليهِ فيه، بخِلافِ ولايةِ الابنِ، ولذلكَ اختَصَّ بولايةِ المالِ وجازَ له أنْ يَشتريَ لها مِنْ مالِه وله مِنْ مالها إذا كانَتْ صَغيرةً، بخِلافِ غيرِه، ولأنَّ الولايةَ احتكامٌ، واحتكامُ الأصلِ على فَرعِه أَولى مِنْ العَكسِ.

وفارَقَ الميراثَ، فإنه لا يُعتبَرُ له النظرُ، ولهذا يَرثُ الصبيُّ والمَجنونُ، وليسَ فيهِ احتكامٌ ولا ولايةٌ على المَوروثِ، بخِلافِ ما نَحنُ فيه (١).

القَولُ الثالثُ: أنهما يَتساويانِ في ذلكَ، وهو ما مالَ إليه شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ ، حيثُ قالَ: ولو قِيلَ: «إنَّ الابنَ والأبَ سَواءٌ في ولايةِ النكاحِ كما إذا أوصَى لأقرَبِ قَرابتِه» لَكانَ مُتوجِّهًا (٢).

وهو ما حَكاهُ المُعلَّى عن أبي يُوسفَ أنَّ أيَّهما زوَّجَ جازَ، قالَ الكاسانِيُّ : وجهُ رِوايةِ المُعلَّى أنه وُجدَ في كلِّ واحدٍ منهُما ما هو سَببُ التقدُّمِ، أمَّا الأبُ فلِأنهُ مِنْ قومِها، وهو أشفَقُ عليها، وأمَّا الابن فلِأنهُ يَرثُها بالتَّعصيبِ، وكلُّ واحدٍ مِنْ هذَينِ سببُ التقدُّمِ، فأيُّهما زوَّجَ جازَ،


(١) «المبسوط» (٤/ ٢٢٠)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٥٠)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٥٩)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٥٢)، و «المغني» (٧/ ١٠، ١١)، و «الإفصاح» (٢/ ١٣٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٢٤)، و «المبدع» (٧/ ٣٠)، و «الإنصاف» (٨/ ٦٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٥٧، ٥٧٨).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٥/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>