للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه معنًى يُفيدُ التعصيبَ في المَواريثِ، فوجَبَ أنْ يُفيدَ ذلكَ في ولايةِ النكاحِ كالأخوَّةِ والأبوَّةِ، ولأن البُنوَّةَ تُوجِبُ الولايةَ على مَنْ يكونُ ابنًا له، أصلُه إذا كانَ ابنَ عَمِّها، ولأنَّ كلَّ حُكمٍ ثبَتَ للابنِ الذي هو مِنْ ابنِ العَمِّ ثبَتَ للابنِ الَّذي ليسَ مِنْ ابنِ العَمِّ، أصلُه المِيراثُ، ولأنَّ كلَّ ذكَرٍ كانَ عَصبةً في الميراثِ كانَ عَصبةً في عقدِ النكاحِ، أصلُه الأخُ والعمُّ، ولأنه عَدلٌ مِنْ عَصبتِها، فثبَتَ به ولايةُ تزويجِها كأخيها، ولأنَّ ابنَ المرأةِ عَصبةٌ لها، فجازَ أنْ يكونَ وليًّا في نكاحِها كالأبِ، ولأنَّ تَعصيبَ الابنِ أقوَى مِنْ تَعصيبِ الأبِ؛ لأنهما إنِ اجتَمعَا سقَطَ بالابنِ تَعصيبُ الأبِ وصارَ معه ذا فَرضٍ، فاقتَضَى أنْ يكونَ أَولى بتَزويجِها مِنْ الأبِ، ولأنَّ الوليَّ إنما يُرادُ لحِفظِ المَنكوحةِ مِنْ تَزويجِ مَنْ لا يُكافئُها فيُدخِلَ العارَ على أهلِها، والابنُ رافعٌ للعارِ عنها وعن نَفسِه مِنْ سائرِ الأولياءِ؛ لكَثرِة أنَفَتِه وعِظَمِ حَميَّتِه، فكانَ أحَقَّ بنِكاحِها (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنه لا ولايةَ للابنِ على أمِّه، وليسَ له أنْ يزوِّجَها بالبُنوَّةِ، إلا أنْ يكونَ عَصبةً لها؛ لأنَّ الولايةَ ثَبتتُ للأولياءِ لدَفعِ العارِ عن النَّسبِ، ولا نسَبَ بينَ الابنِ والأمِّ؛ لأنه لا مُشارَكةَ بينَهُما في النسَبِ؛ لأنها


(١) «المبسوط» (٤/ ٢٢٠)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٥٩)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٠٢، ٣٠٣) رقم (١١٣٧)، و «المغني» (٧/ ١١، ١٢)، و «الإفصاح» (٢/ ١٣٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٢٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٥٧، ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>