للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا يَصحُّ أنْ يَعقدَ الوليُّ الأبعدُ مع وُجودِ الأقربِ وعَدمِ المانعِ.

وذهَبَ المالِكيةُ في الصَّحيحِ عندَهم إلى أنه يَجوزُ للوليِّ الأبعَدِ أنْ يزوِّجَ مع وُجودِ الوليِّ الأقربِ إذا لم يَكنْ مُجبِرًا، وهو الأبُ والوَصيُّ والمالِكُ للأمَةِ، وأما إذا كانَ واحِدًا مِنْ هَؤلاءِ فلا يَصحُّ أنْ يتقدَّمَ عليهِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الوليَّ الأبعدَ إذا زوَّجَ حالَ حُضورِ الوليِّ الأقربِ وهو مِنْ أهلِ الولايةِ توقَّفَ على إجازِتِه؛ لأنَّ الأبعَدَ كالأجنَبيِّ عندَ حَضرةِ الأقربِ، فيَتوقَّفُ عَقدُه على إجازةِ الوليِّ، ولا يكونُ سُكوتُه إجازةً لنِكاحِ الأبعَدِ وإنْ كانَ حاضِرًا في مَجلسِ العقدِ، ما لم يَرْضَ صَريحًا أو دَلالةً.

ولو تَحوَّلتِ الوِلايةُ إليهِ -أي إلى الأبعدِ- بمَوتِ الأقربِ أو غَيبتِه غَيبةً مُنقطِعةً توقَّفَ أيضًا على إجازتِه (١).

قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : واختَلفُوا فيما إذا عقَدَ الأبعدُ مِنْ عَصباتِها مع القُدرةِ على أنْ يَعقدَ الأقرَبُ ولم يَكنْ بشَاحٍّ ولا عضَلَ.

فقالَ الشَّافعيُّ وأحمدُ: لا يَصحُّ النكاحُ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: إذا عقَدَ الوليُّ الأبعدُ مع القُدرةِ على عَقدِ الوليِّ الأقربِ فإنه يَنعقدُ مَوقوفًا على إجازةِ الأقرَبِ أو إلى أنْ تَبلغَ الصَّغيرةُ فتَختارَ إنْ شاءَتْ.


(١) «المبسوط» (٤/ ٢١٩، ٢٢٠)، و «حاشية ابن عابدين مع الدر المختار» (٣/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>