للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُمِّيتِ التَّكبيرةُ التي يَدخلُ بها الصَّلاةَ تَكبيرةَ الإحرامِ؛ لأنَّها تُحرِّمُ الأشياءَ المُباحةَ التي تُنافِي الصَّلاةَ (١).

ويُسمِّيها الحَنفيَّةُ في الأغلَبِ تَكبيرةَ الافتِتاحِ، أو التَّحريميةَ (٢).

والتَّحريمُ: جَعلُ الشَّيءِ مُحَرمًا، والهاءُ لِتَحقِيقِ الاسمِيَّةِ (٣).

والحِكمةُ مِنْ افتِتاحِ الصَّلاةِ بالتَّكبيرةِ هي تنَبُّهُ المُصلِّي إلى عِظَمِ مَقامِ مَنْ قامَ لِأداءِ عِبادَتِه مِنْ وَصفِه بأنواعِ الكَمَالِ، وأنَّ كلَّ ما سِواهُ حَقيرٌ، وأنَّه جلَّ عن أن يَكونَ له شَبيهٌ مِنْ مَخلوقٍ فَانٍ، فيَخضَعُ قَلبُه وتَخشَعُ جَوارِحُه ويَخلو قَلبُه مِنْ الأغيارِ؛ فيَمتَلئُ بالأنوارِ (٤).

وقدِ اتَّفق الأئمَّةُ الأربَعةُ على أنَّ تَكبيرةَ الإحرامِ فَرضٌ مِنْ فُروضِ الصَّلاةِ، ورُكنٌ مِنْ أركانِها، لا تَصحُّ الصَّلاةُ إلا بها؛ لقولِه : «مِفتَاحُ الصَّلاةِ الطُّهُورُ، وَتَحرِيمُهَا التَّكبيرُ، وَتَحلِيلُهَا التَّسليمُ» (٥).

وفي الصَّحيحَينِ في حَديثِ المُسيءِ صَلاتَه: «إذَا قُمتَ إلى الصَّلاةِ فَأَسبِغِ الوُضُوءَ، ثم استَقبِلِ القِبلَةَ وَكَبِّر» (٦).


(١) «الطَّحطاوي على الدُّرِّ» (١/ ٢٢)، و «نهاية المحتاج» (١/ ٤٣٩)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣٣٠).
(٢) «تحفة الفقهاء» (١/ ٢١٥)، والزَّيلَعي (١/ ١٠٣)، و «الهداية» (١/ ٢٣٩).
(٣) «العناية بهامش فتح القدير» (١/ ٢٣٩)، و «حاشية الشَّلَبي بهامش الزَّيلَعي» (١/ ١٠٣).
(٤) «الفتوحات الربانية» (٢/ ١٥٧)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣٣٠).
(٥) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٦١، ٦١٨)، والتِّرمذي (٣)، وابن ماجه (٢٧٥).
(٦) رواه البخاريُّ (٥٨٩٧)، ومسلم (٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>