[النساء: ١٢٧] إلى آخرِ الآيةِ قالَتْ: «هي اليَتيمةُ تكونُ في حَجرِ الرَّجلِ قد شَركَتْه في مالِه فيَرغَبُ عنها أنْ يَتزوَّجَها ويَكرهُ أنْ يُزوِّجَها غيْرَه فيَدخلَ عليه في مالهِ فيَحبِسُها، فنَهاهُم اللهُ عن ذلكَ».
أي مَنعهنَّ مِنْ التَّزويجِ مِنْ أجلِ أنهم لا يُقسِطونَ في صَدُقاتِهنَّ، وجعَلَ لهم أنْ ينكحُوهنَّ مِنْ أنفسِهنَّ إذا عَدَلوا في صَدُقاتِهنَّ.
ووَجهُ الاستِدلالِ بالآيةِ الكَريمةِ أنَّ قولَه تَعالى: ﴿لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٢٧] خرَجَ مَخرجَ العِتابِ، فيَدلُّ على أنَّ الوليَّ يَقومُ بنِكاحِ وَليَّته وحْدَه، إذْ لو لم يَقُمْ وحْدَه به لم يكُنْ للعِتابِ معنًى؛ لِمَا فيه مِنْ إلحاقِ العِتابِ بأمرٍ لا يتحقَّقُ.
فاللهُ ﷾ لمَّا عاتَبَ الأولياءَ في تَزويجِ مَنْ كانَتْ مِنْ أهلِ المالِ والجَمالِ بدُونِ سُنَّتِها مِنْ الصَّداقِ، وعاتَبَهم على تَركِ تَزويجِ مَنْ كانَتْ قَليلةَ المالِ والجَمالِ دَلَّ على أنَّ الوليَّ يَصحُّ منه تَزويجُها مِنْ نَفسِه؛ إذ لا يُعاتَبُ أحَدٌ على تَركِ ما هو حَرامٌ عليهِ، ودَلَّ ذلكَ أيضًا على أنه يَتزوَّجُها ولو كانَتْ صَغيرةً؛ لأنه أمَرَ أنْ يُقسِطَ لها في الصَّداقِ، ولو كانَتْ بالغًا لَمَا مُنِعَ أنْ يَتزوَّجَها بما تَراضَيَا عليهِ، فعُلِمَ أنَّ المُرادَ مَنْ لا أمْرَ لها في نَفسِها.