للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ المَشيئةَ إذا بَطلَتْ في المَجلسِ صارَ نكاحًا بغيرِ مَشيئةٍ، ولعَدمِ جَوازِ تَعليقِه بالخَطرِ امتَنعَ خِيارُ الشَّرطِ فيهِ، فيَبطلُ، كما لو قالَ: «تزوَّجتُكِ على أنِّي بالخِيارِ» فقَبلَتْ صَحَّ ولا خِيارَ له، بخِلافِ ما لو قالَ: «إنْ رَضِيَ أبِي» لا يَجوزُ، بخِلافِ تَعليقِ النكاحِ على أمرٍ مَعلومٍ للحالِ فإنه يَجوزُ ويكونُ تَحقيقًا، بأنْ قالَ لآخَرَ: «زوِّجنِي ابنتَكَ» فقالَ: «إني زوَّجتُها قبْلَ هذا مِنْ فُلانٍ» فلمْ يُصدِّقْه الخاطِبُ فقالَ أبو البِنتِ: «إنْ لم أكُنْ زوَّجتُها قبْلَ هذا مِنْ فُلانٍ فقدْ زوَّجتُها مِنْكَ» وقَبِلَ الآخَرُ فظهَرَ أنه لم يكُنْ زوَّجَها يَنعقدُ هذا النكاحُ؛ لأنَّ التَّعليقَ بشَرطٍ كائنٍ تَحقيقٌ، فيَكونُ تَنجيزًا (١).

وقالَ أبو الحَسنِ الطَّرابلسِيُّ : اعلَمْ أنَّ تَعليقَ النكاحِ بشَرطِ عِلمٍ للحالِ يَجوزُ ويَكونُ تَحقيقًا، كقَولِه لآخَرَ: «زوِّجنِي بنتَكَ» فقالَ: «قد زوَّجتُها مِنْ فُلانٍ قبْلَ هذا» فكذَّبَه الخاطِبُ فقالَ: «إنْ لم أكُنْ زوَّجتُها مِنْ فُلانٍ فقدْ زوَّجتُها منكَ» وقَبِلَ الآخَرُ وظهَرَ كذبُه يَنعقدُ هذَا؛ إذِ التَّعليقُ بشَرطٍ كائنٍ تَحقَّقَ، أَلَا يُرَى أنه لو قالَ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ إنْ كانَتِ السَّماءُ فوقَنا والأرضُ تحتَنا» تَطلُقُ للحالِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: لا يَصحُّ تَعليقُ النكاحِ على شَرطٍ مُستقبَلٍ، كقَولِه: «إنْ


(١) «شرح فتح القدير» (٣/ ١٩٨، ١٩٩)، و «البحر الرائق» (٦/ ٢٠٤)، و «درر الحكام» (٤/ ٧٧)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٥٣).
(٢) «معين الحكام» ص (١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>