للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أوجَبَ ثمَّ نامَ وحصَلَ القبولُ في المَجلسِ؛ لأنَّ النومَ لا يُبطِلُ العُقودَ الجائزةَ، فكذلكَ هُنا (١).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : إذا تَراخَى القَبولُ عن الإيجابِ صَحَّ ما دامَا في المَجلسِ ولم يَتشاغلَا عنهُ بغَيرِه؛ لأنَّ حُكمَ المَجلسِ حُكمُ حالةِ العَقدِ، بدليلِ القَبضِ فيما يُشترطُ القَبضُ فيهِ وثبَوتِ الخِيارِ في عُقودِ المُعاوَضاتِ، فإنْ تفرَّقَا قبْلَ القَبولِ بطَلَ الإيجابُ، فإنه لا يَوجَدُ مَعناهُ، فإنَّ الإعراضَ قد وُجِدَ مِنْ جِهتِه بالتفرُّقِ، فلا يَكونُ قَبولًا، وكذلكَ إنْ تَشاغلَا عنه بما يَقطعُه؛ لأنهُ مُعرِضٌ عن العَقدِ أيضًا بالاشتِغالِ عن قَبولِه.

وقد نقَلَ أبو طالِبٍ عن أحمدَ في رَجلٍ مَشَى إليه قَومٌ فقَالُوا له: «زوِّجْ فُلانًا» قالَ: قد زوَّجتُه على ألفٍ» فرَجعُوا إلى الزوَّجِ فأخبَرُوه فقالَ: «قد قَبلْتُ» هل يُكونُ هذا نِكاحًا؟ قالَ: نعمْ، قالَ القاضي: هذا مَحمولٌ على أنه وكَّلَ مَنْ قَبِلَ العَقدَ في المَجلسِ.

وقالَ أبو بَكرٍ مَسألةُ أبي طالِبٍ تتوجَّهُ على قَولَينِ، واختارُ أنه لا بُدَّ مِنْ القَبولِ في المَجلسِ، وهو الصَّحيحُ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى (٢).


(١) «الإنصاف» (٨/ ٤٩)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤١)، و «الروض المربع» (٢/ ٢٨٠)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٣٢، ٢٣٣)، و «البحر الرائق» (٣/ ٨٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ١٤).
(٢) «المغني» (٧/ ٦٠، ٦١)، و «الكافي» (٣/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>