للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّترِ بحَديثِ عائِشةَ، ولا فَرقَ بينَ الرَّجلِ والمَرأةِ بالاتِّفاقِ، وإذا ثَبتَ السَّترُ اقتَضى جَميعَ العَورةِ فلا يُقبلُ تَخصُّصُ البَعضِ إِلَّا بدَليلٍ ظاهِرٍ (١).

أمَّا المالكِيَّةُ فالصَّحيحُ عندَهم أنَّه يجِبُ سَترُ العَورةِ المُغلَّظةِ مع القُدرةِ على السَّترِ، وهو واجِبُ شَرطٍ، فإن لم يَستطِع صلَّى عُريانًا.

وأمَّا غيرُ المُغلَّظةِ فسَترُها واجِبٌ غيرُ شَرطٍ، فإن صلَّى مَكشوفَ العَورةِ عالِمًا عامِدًا كانَ عاصِيًا آثِمًا، إلَّا أنَّ الفَرضَ قَدْ سَقطَ عنه.

والرَّاجحُ أنَّ مَنْ صلَّى مَكشوفَ العَورةِ المُغلَّظةِ ناسِيًا أعادَ أَبدًا وُجوبًا، خِلافًا لمَن جَعلَ النِّسيانَ مُسقِطًا للإعادَةِ.

قالَ القاضِي عَبدُ الوهَّابِ : اختَلفَ أصحابُنا في سِترِ العَورةِ في الصَّلاةِ، فمنهم مَنْ يَقولُ: إنَّها مِنْ شُروطِ صحَّتِها معَ الذِّكرِ والقُدرةِ، فإن لم يقدِر عليها صلَّى عُريانًا وأَجزَأَتهُ، وكذلكَ إن نَسيَ، وإن صلَّى مَكشوفَ العَورةِ عالِمًا بأنَّ له مَا يَستُرُها، قادِرًا على ذلكَ، فإنَّ صَلاتَه باطِلَةٌ.

ومنهم مَنْ يَقولُ: إنَّها واجِبةٌ مُفترَضَةٌ ولَيسَت مِنْ شُروطِ الصِّحَةِ، فإن صلَّى مَكشوفَ العَورةِ عالِمًا عامِدًا كانَ عاصِيًا آثِمًا، إلَّا أنَّ الفَرضَ قد سَقطَ عنه.

فَوَجهُ الأَوَّلِ: قولُه تَعالى: ﴿يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: ٣١]، قِيلَ: اللِّباسُ في الصَّلاةِ والطَّوافِ، وقولُه : «صَلُّوا كَما رَأَيتُموني أُصَلِّي»، وقد


(١) «المجموع» (٣/ ١٦٩)، و «الإفصاح» (١/ ١٣٩، ١٥١، ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>