للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الانعِقادَ بلَفظِ النِّكاحِ والتَّزويجِ لِكَونِه لفظًا مَوضوعًا لحُكمِ أصلِ النكاحِ شَرعًا، وهو الازدِواجُ، وأنه لم يُشرَعْ بدُونِ المِلكِ، فإذا أتَى به يَثبتُ الازدِواجُ باللَّفظِ ويَثبتُ المِلكُ الَّذي يُلازمُه شَرعًا، ولفظُ التَّمليكِ مَوضوعٌ لحُكمٍ آخَرَ أصليٍّ للنكاحِ وهو المِلكُ، وأنه غيرُ مَشروعٍ في النكاحِ بدُونِ الازدِواجِ، فإذا أتَى به وجَبَ أنْ يَثبتَ به المِلكُ ويَثبتَ الازدِواجُ الَّذي يُلازمُه شَرعًا؛ استِدلالًا لأحَدِ اللَّفظينِ بالآخَرِ؛ وهذا لأنهما حُكمانِ مُتلازِمانِ شَرعًا، ولم يُشرَعْ أحَدُهما بدُونِ الآخَرِ، فإذا ثبَتَ أحَدُهما ثبَتَ الآخَرُ ضَرورةً، ويكونُ الرِّضا بأحَدِهما رِضًا بالآخَرِ.

وأمَّا الحَديثُ فنَقولُ بمُوجبِه، لكنْ لِمَ قُلتُم: «إنَّ استِحلالَ الفُروجِ بهذه الألفاظِ استِحلالٌ بغيرِ كَلمةِ اللهِ؟ فيَرجعُ الكَلامُ إلى تَفسيرِ الكَلمةِ المَذكورةِ».

فنَقولُ: كَلمةُ اللهِ تعالى تَحتملُ حُكمَ اللهِ ﷿، كقَولِه تعالَى: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ﴾، فلِمَ قُلتُم بأنَّ جوازَ النكاحِ بهذه الألفاظِ ليسَ حُكمَ اللهِ تعالى؟، والدَّليلُ على أنه حُكمُ اللهِ تعالَى ما ذكَرْنا مِنْ الدَّلائلِ، مع ما أنَّ كُلَّ لَفظٍ جُعِلَ عَلَمًا على حُكمٍ شَرعيٍّ فهو حُكمُ اللهِ تعالى، وإضافةُ الكَلمةِ إلى اللهِ تعالى باعتبارِ أنَّ الشَّارعَ هو اللهُ تعالى، فهو الجاعِلُ اللَّفظَ سَببًا لثُبوتِ الحُكمِ شَرعًا، فكانَ كَلمةَ اللهِ تعالى، فمِن هذا الوجهِ على الاستِحلالِ بكَلمةِ اللهِ لا يَنفِي الاستحلالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>