للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمانِ اللهِ، واستَحلَلتُم فُروجَهنَّ بكَلمةِ اللهِ» (١)، وكَلِمتُه الَّتي أحَلَّ بها الفُروجَ في كتابِه الكريمِ لَفظُ النِّكاحِ والتَّزويجِ فقط، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]، وقالَ تعالَى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾، وبقَولِه تعالَى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [لقمان: ٣٧]، ولم يُذكَرْ في القُرآنِ سِواهُما، فوجَبَ الوُقوفُ معهُما تَعبُّدًا واحتِياطًا؛ لأنَّ النكاحَ يَنزَعُ إلى العِباداتِ لوُرودِ النَّدبِ فيه، والأذكارُ في العِباداتِ تُتَلقَّى مِنْ الشَّرعِ، والشَّرعُ إنَّما ورَدَ بلَفظَي النكاحِ والتَّزويجِ.

ولأنَّ الحُكمَ الأصليَّ للنكاحِ هو الازدِواجُ، والمِلكُ يَثبتُ وَسيلةً إليه، فوجَبَ اختِصاصُه بلَفظٍ يَدلُّ على الازدِواجِ، وهو لَفظُ التَّزويجِ والإنكاحِ لا غَير، ولأنَّ لفْظَ الهبةِ لا يَقتضِي عِوضًا، والنِّكاحُ لا يَخلُو عن عِوضٍ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ -على تَفصيلٍ سيأتي عِندَهم- إلى أنَّ النكاحَ يَصحُّ ويَنعقدُ بلفظِ الهِبةِ؛ لأنه تَمليكٌ، والهِبةُ تَمليكٌ، وقد ثبَتَ في «صَحِيح البُخاريِّ» عن أبي حازمٍ أنهُ سَمِعَ سَهلًا يقولُ: «جاءَتِ امرأةٌ إلى النبيِّ


(١) رواه مسلم (١٢١٨).
(٢) «البيان» (٩/ ٢٣٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٦٧٧)، و «شرح صحيح مسلم» (٩/ ٢١٢)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٣٦)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٥٤١، ٥٤٢)، و «الديباج» (٣/ ١٨٣)، و «المغني» (٧/ ٦٠)، و «الإنصاف» (٨/ ٤٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١١٨)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٤٧)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٤٧، ٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>