ووقَعَ عندَ مُسلمٍ مِنْ طَريقِ حمَّادِ بنِ سَلمةَ عن ثابتٍ عن أنسٍ «أنَّ امرأةً كانَ في عَقلِها شيءٌ قالَتْ: يا رسولَ اللهِ إنَّ لي إليكَ حاجَةً، فقالَ: يا أُمَّ فُلانٍ انظُرِي أيَّ السِّككِ شِئتِ حتَّى أَقضيَ لكِ حاجتَكِ».
وأخرَجَ أبو داوُدَ نحوَ هذا السِّياقِ مِنْ طريقِ حُميدٍ عن أنسٍ، لكنْ ليسَ فيهِ أنه كانَ في عَقلِها شَيءٌ.
قَولُه: «فقالَ: واللهِ إنكُم لَأحَبُّ الناسِ إلَيَّ» زاد في رِوايةِ بَهزٍ: «مرَّتينِ»، وأخرَجَه في الأيمانِ والنُّذورِ مِنْ طَريقِ وَهبِ بنِ جَريرٍ عن شُعبةَ بلَفظِ: «ثَلاثَ مَراتٍ»، وفي الحَديثِ مَنقَبةٌ للأنصارِ، وقد تَقدَّمَ في فضائلِ الأنصارِ تَوجيهُ قَولِه: «أنتُم أحَبُّ الناسِ إلَيَّ»، وقد تَقدَّمَ فيه حَديثُ عبدِ العزيزِ بنِ صُهيبٍ عن أنسٍ مِثلُ هذا اللَّفظِ أيضًا في حَديثٍ آخَرَ، وفيه سَعةُ حِلْمِه وتَواضعُه ﷺ وصبْرُه على قَضاءِ حوائجِ الصَّغيرِ والكَبيرِ، وفيه أنَّ مُفاوَضةَ المرأةِ الأجنَبيةِ سِرًّا لا يَقدحُ في الدِّينِ عندَ أمنِ الفِتنةِ، ولكنَّ الأمرَ كما قالَتْ عائِشةُ: «وأيُّكم يَملكُ إرْبَه كما كانَ ﷺ يَملكُ إرْبَه» (١).
(١) «فتح الباري» (٩/ ٣٣٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute